“ضعف مؤسسي ممنهج” بتنفيذ خطة الحماية من العنف الأسري والنوع الاجتماعي”
18 أبريل، 2023جلسة نقاشية حول مسودة مشروع “قانون التخطيط والتعاون الدولي لسنة 2023”- 8 آذار 2023
25 أبريل، 2023تعريف التحرش في القانون قاصر وفضفاض ولم يتماسى مع الاتفاقية رقم 190
أصدرت جمعية تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان ورقة حول إقرار قانون العمل 2023.
وفيما يأتي نصها:
مقدمة
بعد إقرار القانون المعدل لقانون العمل رقم (10) لسنة 2023 الذي يُقرأ مع القانون رقم (8) لسنة 1996 بالقانون الأصلي وما طرأ عليه من تعديل قانونًا واحدًا ويعمل به بعد ستين يومًا من تاريخ نشره، أصبح عدد القوانين المعدلة لقانون العمل 13 قانونًا منذ صدور القانون الأصلي العام 1996، وشملت التعديلات مواضيع متعددة، منها: شؤون العمال غير الأردنيين، واللجنة الثلاثية لشؤون العمل، وعمل المرأة والأحداث، والأجور، وسلطة الأجور ومحاكم الصلح، والعمل المرن والعمل الجزئي، والتمييز في الأجور، إضافة إلى العمال ذوي الإعاقة، والفصل التعسفي وعقد العمل الجماعي، والإجازات، والنقابات العمالية، أما القانون المعدل لقانون العمل لسنة 2023، شملت تعديلاته ثماني مواد منها ما يتعلق بتنظيم استقدام العمالة الوافدة، والتحرش.
ورغم إقرار القانون إلا أن هنالك العديد من الملاحظات على ما جاء فيه، خاصة أن من المتعارف عليه أن المشرع عندما يلجأ إلى تعديل نص مادة ما في القانون أن يكون هناك مشكلة في النص القديم المراد تعديله أدى الى عدم تحقيق غاية المشرع أو أدت إلى الانتقاص منها، أو كانت غامضة بحيث لا يمكن الاستقرار على تطبيق موحد لها، أو بسبب ظروف أو أمور استجدت على الواقع العملي للأمور التي تنظمها نصوص القانون التي يراد تعديلها، لكن القانون المقر ورغم ملاحظات وتوصيات المجتمع المدني الأردني لم يقدم وللأسف الشديد أسبابًا موجبة لتعديلاته ولم يأت على ذكرها بالصورة التي تسمح بإضفاء الرقابة على أسباب التعديل بداية الأمر، من جهة أخرى تجاهل القانون خلال مناقشته في مجلس الأمة قبل إقراره بصيغته النهائية تعديل عدد من المواد التي أثبت الواقع العملي والتطبيق القضائي أنه يشوبها غموض ولا تكفي لتحقيق الغاية الأساسية من القانون.
يجدر الإشارة هنا أن قانون العمل المُقر لم يأت في سياق الحوار الاجتماعي بين أطراف العملية الانتاجية ما أدى إلى تشوه واضح في القانون ولم يُعالج المشاكل الأساسية به.
ملاحظات تمكين على قانون العمل
تُسجل تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان ملاحظات على قانون العمل المُقر حيث تجاهل القانون عددًا من المواد المهمة التي تحتاج إلى تعديل، إلى جانب إقراره مواد لن تحقق الغاية منه وهو حماية العاملين والحفاظ على عناصر العملية الانتاجية.
ومن المواد التي رأت “تمكين” أنه تم تعديلها على نحو لا يفي بالغرض، تعديل المادة (10) من القانون الأصلي حيث تم إلغاء عبارة (أو الترخيص بإنشاء مكاتب لهذه الغاية) الواردة في أخر الفقرة (أ) منها والاستعاضة عنها بعبارة (أو التعاقد مع أي جهة داخل أو خارج المملكة وفقًا لنظام يصدر لهذه الغاية أو ترخيص ما يلي، شركات متخصصة في نشاط معين تستخدم العمال الأردنيين العاملين لديها وتقوم بالتعاقد مع أصحاب العمل لتزويدهم بهؤلاء العمال، إضافة إلى شركات غاياتها الواسطة لتشغيل الأردنيين داخل المملكة وخارجها )، حيث ترى تمكين أن هذا التعديل يخص تشريع التعاقد مع شركات التوظيف والاستخدام والاستقدام أو ترخيصها وتنظيم شركات التعهيد، ويوحي بتشجيع هذا النظام (نظام التعهيد) وبنفس الوقت فإن الغاية من النص عليه في القانون هو فرض عقوبة الغرامات المرتفعة على من لا يكون تحت مظلة الترخيص من قبل الوزارة لكافة الاشخاص الطبيعيين او المعنويين”.
ويلاحظ على هذا التعديل أنه لم يأت على ذكر الشركات التي قد تعمل بالوساطة من خارج الأردن عبر الانترنت وبعضها شركات كبرى، ولا كيف سيتم التعامل معها، كما أن نص تضمن مغالطة من حيث القول أن “الشركات تستخدم عمالًا أردنيين عاملين لديها وتقوم بالتعاقد مع أصحاب العمل، حيث إن صاحب العمل هنا هو الشركة التي تستخدمهم وليست الجهة المتعاقد معها، وكانت تمكين في هذا الجانب قد اقترحت سابقًا حتى لا يكون هناك لبس بشأن حقوق العمال في هذه الحالة أن تكون “حقوق العمال مضمونة من قبل الشركة المستخدمة والشركة المتعاقد معها وأن يتم النص على ذلك صراحة في القانون كي لا تكون هذه الشركات سبيلًا بشكل أو بآخر لجريمة الاتجار بالبشر أو الجرائم الشبيهة”، وطالبت “تمكين” بالنص قانونًا على “تقديم كفالة بنكية كافية تضمن حقوق العمال قبل التصريح لشركة التعهيد بالعمل وأن يكون هناك حد أدنى لرأس مال الشركة المرخص وعدم التصريح لأي شركة تعهيد إذا كانت ذات مسؤولية محدودة لما في ذلك من خطر كبير على حقوق العمال”.
أما التعديلات التي شملت المادة 12 كان بتغيير النص الصريح بتحميل صاحب العمل رسم التصريح وتحميله للعمال، عن طريق عبارة “تستوفي الوزارة رسمًا مقابل تصريح العمل الذي تصدره لكل عامل غير أردني”، ما يفتح المجال أمام أصحاب العمل لتحميل العمال قيمة هذا الرسم.
أما ما جاء في المادة 12\د التي نصت على تحديد الغرامات التي تفرض على العمال وأصحاب العمل بموجب نظام، إن هذا الامر غير دستوري، فالعقوبات تفرض بموجب قانون والغرامة هي عقوبة لا يجوز فرضها بموجب نظام.
أما المادة 12/ه جرى المبالغة في فرض الغرامة وربطها برسوم التصريح، وبما ان رسوم التصريح تصدر بنظام فمن الناحية الواقعية والعملية أصبح النظام هو الذي يحدد عقوبة الغرامة مخالفا بذلك الدستور”.
في حين لم يأت النص على إحالة المخالفين لأحكام هذه المادة الى المحكمة المختصة وتمكينهم من ابداء دفاعهم، كذلك فإن من المتوجب النص على ايجاد مأوى مناسب والنص على مدة محدودة يسمح بها بإيداع من تقرر تسفيره بعد ضمان حقه في الدفاع عن نفسه، وأن يتم تسفيره على نفقة الدولة ومن ثم تحصيل نفقات السفر من صاحب العمل المخالف، لا انتظار تحصيل النفقات وابقاء العامل محجوزا إلى ذلك الحين.
وبخصوص نص الفقرة (ط1) من المادة 12، أن للوزير إصدار قرار بتسفير العامل غير الأردني حال مخالفته بما في ذلك العامل الذي ثبت للوزارة تركه العمل لدى صاحب العمل، أو من يعمل بدون الحصول على ترخيص أو تصريح وفقاً للتشريعات النافذة، يتوجب أن يُصدر قرار التسفير جهة قضائية وليس من الوزير مباشرة الذي هو سلطة تنفيذية، لأنّ القضاء هو صاحب السلطة في إصدار الأحكام والأقدر على اتخاذ قرارٍ يحمّل الخطأ لمرتكبه ويضمن عدم تعرض العامل للظلم.
وفي هذا الجانب نؤكد أنه لا يحق لأي شخص تسفير العامل في حال ترك العمل خاصة إن كان تركه العمل وفقاً للمادة 29 التي تسمح له بذلك في حال تعرض لاعتداءات جسدية أو لفظية أو عمِل في غير ما هو متفق عليه بالعقد أو تم تخفيض أجره دون مراعاة أحكام المادة 14 من ذات القانون.
وفيما يتعلق بأبناء غزة وإلزامهم باستصدارتصاريح عمل وإعفائهم فقط من الرسوم، كان من الضرورة التزام الأردن بقرار جامعة الدول العربية الصادر عن مجلس وزراء الداخلية العرب رقم (8) الذي يؤكد وجوب معاملة اللاجئ الفلسطيني كمعاملة المواطن و/أو على الأقل معاملته مثل معاملة مواطني الدول التي يحمل وثيقة سفرها وتحديدا في الإقامة والتنقل والعمل
وفي هذا المجال ننتقد عدم التزام الحكومة باستصدار نظام خاص يعفي أبناء غزة المقيمين إقامة دائمة على أراضي المملكة من تصاريح العمل ورسومها، رغم وعودها على لسان وزير العمل السابق سمير مراد، حيث إنه عند مناقشة تعديلات قانون العمل في البرلمان العام 2019 وعد الوزير آنذاك بذلك عندما رفض مجلس الأعيان تعديلًا على إحدى مواد قانون العمل، وافق عليها النواب، تعفي أبناء قطاع غزة من تصاريح العمل، في حين اقتصر التعديل على إعفاء أبناء الأردنيات المتزوجات من غير أردني من الحصول على تصريح.
يتوجب الإشارة أنَ أبناء غزة لم يحضروا إلى الأردن للعمل بمحض إرادتهم، حيث إنهم لا يستطيعون المغادرة والعودة إلى بلادهم وقتما يريدون، مع ذلك يتم حرمانهم من العمل في الوظائف التي يتم تصنيفها بأنها مُغلقة، لذلك فهم مضطرين للعمل في القطاع غير المنظم، الذي لا يتمتع بأي شكل من أشكال الحماية الاجتماعية التي تقتصر على المهن المغلقة عليهم، مثل المهن الإدارية والمكتبية والهندسية والطبية والتعليمية، وهم محرومون، إضافة الى ذلك، من العمل في المؤسسات والشركات الكبيرة.
ونلفت في هذا الجانب أن أبناء قطاع غزة وحملة جوازات السفر المؤقتة لم يكونوا يحتاجون إلى تصاريح عمل قبل العام 2012، لكن ديوان التشريع والرأي أصدر في العام نفسه رأيًا يؤيد شرط حصولهم على تصاريح عمل، ومع بداية العام 2016 صدر قرار عن وزارة العمل يجبر أبناء قطاع غزة العاملين والراغبين بالعمل على استصدار تصاريح عمل، ورافقه قرار صدر عن وزارة التربية والتعليم يمنعهم من العمل في المدارس الخاصة، استنادًا إلى قرار كانت أصدرته الوزارة العام 2015 ولم يتم تطبيقه حينها، لكنها عادت لتطالب بتطبيقه، هذا ينطبق أيضا على الفلسطينيين المقيمين في الأردن ولديهم جوازات سفر أردنية دون أرقام وطنية، الأمر الذي يدفع إلى ضرورة المطالبة بإلغاء قرار وزارة العمل الذي صدر بداية العام 2016، الذي يطالب الغزيين والفلسطينيين المقيمين في الأردن بقامات دائمة باستصدار تصاريح عمل، ما ينعكس على قانون العمل وتعديله بتجاه السماح لهم بالعمل دون استصدارتصريح عمل.
من ناحية أخرى جاء تعريف التحرش قاصرًا وفضفاضًا ولم يتماشى مع الاتفاقية رقم 190 “اتفاقية بشأن القضاء على العنف والتحرش في عالم العمل” التي عرفت العنف والتحرش في المادة (1) الفقرة (أ) ب ” يشير مصطلح العنف والتحرش” في عالم العمل إلى مجموعة من السلوكيات والممارسات غير المقبولة أو التهديدات المتربطة بها، سواء حدثت مرة واحدة أو تكررت، تهدف أو تؤدي أو يتحمل أن تؤدي إلى الحاق ضرر جسدي أو نفسي أو جنسي أو اقتصادي، وتشمل العنف والتحرش على أساس نوع الجنسي”، ب- يعني مصطلح “العنف والتحرش على أساس نوع الجنس” العنف والتحرش الموجهين ضد الأشخاص بسبب جنسهم أو نوع جنسهم، أو اللذين يمسان على نحو غير متناسب أشخاصاً ينتمون إلى جنس معين أو نوع جنس معين ويشمل التحرش الجنسي”،بالتالي نجد تعريف الصادر عن الاتفاقية واضح وأكثر شمولاً وهو الأصلح والأكثر حماية لجميع الأطراف من التعريف الوارد في تعديل قانون العمل .
أما التعديل المتعلق بساعات عمل المرأة فهو سلاح ذو حدين حيث يمكن أن يتم استخدامه بطريقة سلبية من قبل أصحاب العمل عبر إجبار النساء على العمل لأوقات متأخرة دون مراعاة لظروف المرأة الاجتماعية والاقتصادية من حيث توفر وسائل نقل آمنة وضمان بيئة عمل وتوفير بيئة عمل صديقة لها ومرافق وخدمات ملائمة في مختلف قطاعات العمل ومواقع العمل، ومساعدتها في التصدي للصعوبات التي تواجهها في تحقيق التوازن بين العمل والأعباء العائلية، لذلك كان من المفترض تضمين مادة تضمن توفير ذلك للمرأة بحيث لا يصبح التعديل وسيلة للتخلص من العاملات ووسيلة لإنهاء خدماتهن، فالأساس هو الحماية، من خلال وضع نظام يحمي العاملات بمواد تلزم صاحب العمل والحكومة بتأمين حماية للمرأة العاملة.
وعليه كان من الأجدر وضع قانون عمل جديد يراعي حقوق جميع الأطراف ويحمي العاملين، بدًلا من التعديلات المتكررة التي لم تكن شمولية وإنما قاصرة، ما يؤكد أن هنالك ضعفا وعدم استقرار تشريعي لكثرة فتح مواد القانون لتعديلها.