المساعدة القانونية طوق نجاة من العقوبة
5 يونيو، 2022كيف نطور تقييم الأردن على مؤشر مدركات الفساد؟
6 يونيو، 2022“سكِّر لي الكاميرا خلينا نتعاون مع بعض..، إطفي الكاميرا”، بهذه العبارة مُنع مصور تلفزيوني في قناة تلفزيونية محلية من استكمال تصوير نقل مباشر لوقائع إحدى جلسات مجلس النواب، في كانون الثاني الماضي، خصصت لمناقشة التعديلات الدستورية، وجاء الطلب من المعنيين في دائرة الإعلام بمجلس النواب.
يقول المصور التلفزيوني منتصر الشوبكي، المعتمد من المؤسسة الإعلامية التي يعمل لديها، إن “ما حدث يعد شكلاً من أشكال المضايقات التي يتعرض لها الصحفيون خلال أدائهم لعملهم، والمتمثل بمنعهم من التغطية الإعلامية رغم وجود موافقات مسبقة للتصوير”.
تقدم الزميل الشوبكي، وفق روايته لـ “همم”، بشكوى إلى مركز حماية وحرية الصحفيين حول ما حدث، إذ شهدت الجلسة اشتباكاً بالأيدي بين النواب، استطاعت وسائل الإعلام المحلية نقله، لكن منع بعضها من التصوير.
يعلق الشوبكي على الأمر: “للأسف لم يكترث أي مسؤول على صلة بالصحافة والإعلام لأهمية عملنا، وحاجة المواطنين لمتابعة القضايا التي تهم شريحة كبيرة منهم بتغطيتها ونقل وقائعها عبر شاشات التلفزة التي كانت تبث مباشرة ما يحصل تحت القبة”.
يتلقى مركز حماية وحرية الصحفيين، وهو إحدى مؤسسات المجتمع المدني المنضوية في هيئة تنسيق مؤسسات المجتمع المدني “همم”، شكاوى الإعلاميين، ويتابعها عبر القنوات الرسمية، ويرصدها ضمن التقارير السنوية الصادرة عنه، وآخرها تقرير 2020-2021 الذي يحمل عنوان “إعلام مكبل”.
وتعنوَن تقارير المركز وفق ما يتم رصده لتقارير الحريات العامة، وذلك على مدار العشرين عاماً الأخيرة، تأتي ضمن سلسلة أهداف يعمل عليها منذ تأسيسه لترميم وبناء قدرات المناصرة وكسب التأييد والتحفيز على التغيير.
من تقرير “قف”، الذي منع من النشر، إلى “إعلام مكبل”، عمل متواصل، نفذه المركز بوضع مؤشرات تساعد أجهزة الدولة على صنع إعلام محترف مهني، هكذا يقول مؤسس المركز وعضو مجلس إدارته نضال منصور في تقديمه للتقرير الأخير، الذي توصل إليه مؤشر حرية الإعلام لعام 2021، ويعكس واقع الحال.
يرى منصور أن “الإعلام لم يعد سلطة رقابية في المجتمع، وكل يوم تضيق هوامش الحريات التي يتحرك فيها، وحتى منصات التواصل الاجتماعي التي كان يلجأ إليها هرباً من القيود، أصبحت في المرمى، والحكومة تُفكر بتشريعات وأنظمة للسيطرة عليها”.
وبروية، يقول منصور قد “يبدو المشهد الإعلامي في البلاد مُنفتحاً، لكن رؤية ما يحدث خلف خشبة المسرح يشي بحرية مُكممة مُفصلة على مقاس السلطة”.
تقرير حالة الحريات الإعلامية ليس وليد 2020-2021 إنما نتاج عشرين عاماً من العمل على رصد وتوثيق حالة الحريات في الأردن.
يصدر المركز تقريره حول حالة الحريات العامة في الأردن وعموم الوطن العربي، في المقابل تصدر تقارير دولة تصف المملكة بـ “البلد المستبد، وغير الحر”، لكن تقريرنا الوطني يرى أننا ما زالنا نجد هوامش باقية.
يصف منصور الهوامش بـ”الضوء البسيط، الذي يتسرب هنا وهناك، ويمكن توسعته ليصبح فضاءً رحبا”.
هل الاعلام في الأردن مقيد أم مكبل أم حر؟ يتفق المحامي الدكتور صخر الخصاونة الخبير في التشريعات الأردنية مع منصور بأن وضع الاعلام والحريات في الأردن “يدور تكبيلها أو إطلاق الحريات مع االوضع السياسي والاجتماعي والاقتصادي الذي تمر به البلد”.
ويلاحظ الخصاونة أن أكثر القوانين كانت عرضة للتغيير والتعديل منذ نشوء إمارة شرق الأردن وحتى الآن هو قانون المطبوعات والنشر والقوانين المتعلقة بحريات الرأي والتعبير، وبالعودة ألى تواريخ التعديلات التي عدلت بها نلاحظ ارتباطها بحدث سياسي أو احداث في المنطقة أو غيرها.
بالتالي، والحديث للخصاونة، موضوع الحريات العامة في الأردن ما يزال غير مستقر من حيث ثبات التشريعات والحالة التي نستطيع أن نتحدث عنها.
ويصف الخصاونة الحريات الإعلامية في الأردن اليوم بما يمكن وصفه “بالأسوأ أو أقل كحرية من قبل عشر سنوات أو أكثر”.
ويفصّل الأسباب التي أوصلت الإعلام إلى “مكبل” إما من حيث القيود القانونية التي وردت في القوانين، وتعددية القوانين التي تنظم عمل حرية الرأي والتعبير، ومن حيث القيود غير المباشرة (قيود دينية، اجتماعية، وأخرى تتعلق بتدخلات غير مباشرة من قبل الأجهزة الإدارية والأمنية).
ويعتقد الخصاونة أنه غير ثابت لدينا كيف يمكن لنا أن نعبرعن رأينا، وكيف للصحافة أن تمارس دورها، وكيف للإعلام أن يكون الرقيب والمحاسب، وأن يكون له دور سلطة شعبية.
ويلفت إلى أن تعدد القوانين التي تنظم حرية الرأي والتعبير كان له دور كبير في الحد من حريات الرأي والتعبير.
ويؤكد الخصاونة أنه يمكن لوضع الحريات الإعلامية أن يتحسن في الأردن، مشيرا إلى أن وضع الأردن أفضل بكثير من دول عربية أخرى وبخاصة فيما يتعلق بالنشر الالكتروني وتقدمنا بذلك.
مع تسليط الضوء على قضية الزميل الشوبكي، وأيضاً ما حدث مع الزميل باسل العكور، الذي أوقف يوم الثلاثاء 28 تموز 2020 لساعات لدى وحدة الجرائم الإلكترونية، وذلك لتغطية وقفات الاحتجاج التي تنظمها نقابة المعلمين في الأردن، واعتقالات بعض أعضاء مجلسها.
توقيف العكور جاء على خلفية إصدار مدعي عام عمان قراراً بمنع النشر والتداول والتعليق على هذه القضية في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي كافة، وذلك في 25 تموز 2020 إثر صدور قرار وقف نقابة المعلمين عن العمل وإغلاق مقراتها لمدة سنتين.
يرى العكور أن “منع النشر يتعلق بمحاضر التحقيق داخل أروقة المحكمة، ولا يعني عدم نشر ردود الفعل والمواقف والاتجاهات”.
“نتلمس حجم التضييق الخشن، من الحكومة وأجهزتها الأمنية”، يقول العكور، إذ “لم يعد الأمر يحتاج كل هذا العناء من الحكومة، فهندسة المشهد الإعلامي أكثر وأفضل بالنسبة لها من الدخول في مكاسرة علنية مع الصحافة في القضايا التي تثير الرأي العام”.
أقيمت الدعوى على العكور من قبل الحق العام، وحصل على قرار محكمة بالبراءة من التهم المسندة إليه، لكن الأخطر هو العودة إلى الحاكم الإداري، وهذا “تغول على السلطة القضائية أولاً، وعلى الأسرة الصحفية والحريات العامة ثانيا”.
يقف مؤسس مركز حماية وحرية الصحفيين نضال منصور عند نقطة قبل 15 عاماً، ويقول “كانت القضايا المقامة على الصحف كثيرة، وبخاصة من الجهات الحكومية، وتستطيع أن ترى انتهاكات تتم بشكل مباشر على الصحافة في أماكن الاحتجاج، لمنع تغطية الاعتداءات الجسدية بالضرب وغيره”.
وعلى حد وصف منصور، فقد “شهد الإعلام في عام 2011 حتى 2013 صعوداً إذ كان أكثر نقداً وأكثر قدرة على الكشف، إلا أن ذلك لم يدم طويلا؛ إذ بدأ تطويعه والسيطرة عليه مجددا.ً
يعود منصور بذاكرته عند عودة الحياة الديمقراطية من 1989 وتحدث عنها مستذكرا “كان الإعلام آنذاك وإن كان حكومياً إلا أن الإعلاميين أنفسهم كان لديهم القدرة على المقاومة والممانعة”، متسائلاً “لماذا؟
ويعلل منصور ذلك لكون الأمن المعيشي للصحفيين كان أكثر استقراراً مما هو عليه الآن، فالأمن المعيشي للصحفيين أصبح أكثر خطراً، وتزايدت خلال جائحة كورونا المخاطر، حيث بات الصحفي اليوم كثيرا ما يردد: “لا أريد الكتابة.. أريد أكل الخبز”.
ويقول إن حجم الاهتمام بالتدريب غير السابق، لا توجد موازنات للتدريب، أصبح لدينا أجيال تدخل العمل الصحفي لا خبرة لديها، لدينا سياسات إعلامية لمؤسساتنا، لكن لا توجد المدونات والسياسات التي تضمن المصداقية وتعدد الآراء والتنوع.
وينبه إلى ضرورة الاعتراف بأن “منصات التواصل الإجتماعي أصبحت الحدود الفارقة بينها وبين الإعلام المحترف الذي يكاد يتلاشى، وأحيانا تتداخل وبالتالي هذا الموضوع شكل اعتباراً جديدأ لدى الصحفيين”.
ويرى منصور أن تحديات جديدة ناشئة في الإعلام زادت من حجم التعقيد، والصحافة هي من تدفع الثمن والصحفيون والصحفيات.
ويرى أنه إذا كانت حرية التعبير وحرية الإعلام تواجه تحديات؛ بالتالي الحريات العامة تعاني من أزمة، وحرية التجمع السلمي في مأزق وكذلك حرية التعبير والحقوق النقابية وتشكيل الجمعيات، فنراها أحياناً تضعف ومرة أخرى تعود بشكل قوي، وهي ترتبط بالرغبة في السيطرة على المجتمع، بإلغاء التنوع والهوامش من الاختلاف، مع أنه كلما كان المجتمع فيه تنوع واختلاف كلما كان النظام السياسي أقوى.
ويشدد منصور على أهمية أن تكون سياسيات الدولة داعمة.. ويتساءل: ما المشهد الإعلامي التي تطمح الدولة الأردنية أن تراه؟ ما هو مشروع الإعلام الذي تطمح أن تراها الدولة الأردنية في عام 2030 ؟ ليجيب بالقول: بالتالي على المعنيين برسم السياسة الإعلامية للأردن، وضع استراتيجية وسياسيات بحث تقودها للنتنيجة التي تطمح أن تراها.