تقرير يوضح تراجع تحقيق معظم أهداف التنمية المستدامة بالأردن
5 يوليو، 2022مشروع “تقييم العوائق القانونية” ييسّر إدارة المنظمات المجتمعية الأردنية
13 يوليو، 2022يتشاركن الوجع كما يتبادلن الفرح، فلكل مستفيدة من خدمات فرع جمعية النساء العربيات في إربد، حكاية بدأتها بمشاعر خوف وحزن وقهر مكبوت، وانتهت تلك الحكايات التي تشبه في هذه الأيام قصص المسلسلات بعودة بطلة الحكاية الى بيتها من جديد لكن ليست كما كانت في السابق بل بحضور سيدة محبة، قوية، صاحبة إرادة وموقف.
داخل إحدى الغرف في المركز خصص وقت لهؤلاء السيدات اللاتي يرون الملاذ لهمومهن وضعفهن، يبحثن عن الأمل وما هو الأمل إلا بمساعدة الآخرين الذين سخروا طاقاتهم بالعمل إلى جانب هؤلاء النسوة لمساعدتهن بالاستمرار في حياتهن.
على طاولة جمعية النساء العربيات وهي من بين أعضاء مؤسسات خيئة تنسيق مؤسسات المجتمع المدني “همم”، ملفات استأذنا بفتحها والتواصل مع صاحبات تلك القصص، اللاتي بتن بطلات داخل بيوتهن وهن ملكن الإرادة بالتغيير والنجاح، نساء مشروع تعزيز صمود وتمكين النساء الأردنيات واللاجئات السوريات للتصدي لتعرضهن للعنف المبني على النوع الاجتماعي.
قبل ستة وعشرون عاماً، حينما كانت السيدة أم هشام (اسم مستعار) تبلغ من العمر 17 عاماً، كشابة في ريعان العمر، تعيش وسط عائلة الأم لا كلمة لها أمام أب متسلط على بناته الخمس، وقرار الزواج لا تملك اي منهن الحق بالرفض وما يسمح لها الإيجاب بـ “صوت خافت”.
القبول بالزواج بالإكراه، دفعت ثمنه أم هشام التي تزوجت في عمر وهي تروي لـ “همم” جزءاً من فيض كلام حبسته في صدرها صراخ على اتفه الأسباب ضرب أحياناً لا تعرف دافعه، وما عليها إلا أن تحني رأسها امام عنف.
رغم دوام الحال على القهر والعنف الذي امتد لسنوات، أنجبت أولادها الأربعة، وفي كل مرة كانت أم هشام على أمل أن ينصلح حال الزوج إلا أن الحال لم يتغير.
تقول أم هشام “أبلغ من العمر 43 سنه، تزوجت من رجل يكبرني بـ 12 سنة، عمر 17 كنت فتاة طموحة ولا أرغب بالزواج، وكل ما في بالي أن أكمل تعليمي، كانت والدتي هي مصدر الدعم الذي سنح لوالدي أن يتمادى في عنفه علي وأخواتي، وزوجن بالأكراه “.
عشت الحياة مع زوج لا يعرف سوى الإهانة والإساءة تصف أم هشام وضعها “صراخ، شتم، ضرب، إهانة متكررة إلى جانب عدم السماح لي بالخروج من البيت إلا بعد موافقته ورضاه ، تصمت وهي تصف حال زوجها بالمزاجي “.
قامت القائمات على المركز ومن خلال المتخصصات بالإرشاد النفسي بوضع خطة شاملة لكل حالة على حدا.
وضعت المرشدة الاجتماعية خطتها العلاجية لأم هشام بدءاً من إعادة قوتها بنفسها، حيث عمل على تفريغ مشاعر الخوف والحزن لديها إلى أن تحررت من تلك المشاعر التي عاشت بها لسنوات وأصبحت اليوم سيدة تعبر عن رأيها.
كما خصصت أم هشام وقتا لذاتها وعمل الأنشطة التي ترغب بها والابتعاد عن روتينها، وعدلت من مستوى مزاجها حتى أن الوعي بالحقوق والواجبات كان جزءاً من الخطة التي عملت معها المرشدة النفسية.
تقبل الواقع والتكيف معه، الخروج عن المألوف من الروتين اليوم، أشرك الزوج حتى بالجلسات المخصصة والأبناء، واستمع كل طرف بالعائلة إلى الآخر ننقاشات وحوارات حتى لو أنها باءت في الفشل بالبداية إلا أن إصرار أم هشام بمنح نفسها وعائلتها السعادة والسكينة.
لم تتخل فاطمة الحايك المرشدة النفسية التي ساعدت أم هشام وغيرها على تحسين وتقبل واقع حياتهن بشكل إيجابي، وتقول لـ ” همم “: بعد قياسنا للتحسن بعد كل جلسة كان هناك فارق في حياة أم هشام لدرجة أن جاراتها لمسن ذلك في تغير معاملتها مع زوجها فتوقف الصراخ الذي اعتاد الجيران سماعه بشكل يومي.
الحايك، وصفت ما حدث مع أم هشام أن ذلك يعود للوعي والثقة بالنفس والاستقرار النفسي، مما انعكس على أسرتها بأكملها بحيث باتت محبة لذاتها، وتقوم بواجباتها بكل محبه، وثقه وإرادة ذاتية وليست إجباراً كما كانت تعتقد.
تقول الحايك، انعكس ذلك على مزاج زوجها الذي منحها الحرية بلقاء الجارات والصديقات وزيارة الأهل دون أي مشكلة أو صراخ، أصبح يلبي ما تحب وتحتاجه لشعوره بالراحة، وأصبحت تقوم بالواجبات الزوجية بإرادتها وليس بالصراخ والإجبار.
أبناؤها اليوم باتوا يعبرون عن مدى فرحهم بالتغيير الذي طرأ على والدتهم.
وتشارك أم عون وهواسم مستعار قصتها مع “همم ” معرفة عن نفسها ” أنا سيدة سورية ناجية من العنف” فهي من بين مجموعة السيدات كن قد تعضرن للعنف المبني على النوع الاجتماعي.
تعرضت أم عون لكثير من السلوكيات والأفعال العدوانية من قبل زوجها وأهل زوجها إضافة إلى العنف العاطفي واللفظي.
تعبت أم عون من العنف فلجأت إلى الجمعية تستذكر ذلك اليوم ” حضرت للمركز بعد أن سمعت عن الخدمات من خلال جولات للجمعية، من خلال لقاء السيدات – فرق التوعية-، كنت أشعر طوال الوقت بالخوف والضعف والوحدة، لا أستطيع إخبار أي أحد عن معاناتي .. كنت أحس بأني غير مهمة وبلا قيمة “.
خضعت أم عون لجلسات الدعم النفسي مع المرشدة، وتم دمجها ببعض أنشطة المركز، كما شاركت بأنشطة الإرشاد النفسي، أصبحت قادرة على مواجهة التحديات والظروف التي تواجهها بعد تعرفها على العديد من تجارب النساء داخل الجلسات الجماعية.
عرفت أم عون أكثر عن حقوقها ومعرفة نقاط القوة لديها وشبكة الداعمين في حياتها بعد تحسنها مع جلسات الدعم المستمرة، أصبحت تأتي للمركز بشكل مستمر، تشعر بمساحة آمان داخله.
ومن تجربتها بدأت أم عون باستقطاب العديد من النساء اللواتي بحاجة إلى خدمات الدعم النفسي، بعد أن أخبرتهن بتجربتها وما قدمه المركز لها خلال تواجدها فيه والاستفادة من الخدمات المقدمة.
تقول روزان إحسان مرشدة نفسية في الجمعية: تم استقبال عدد من حالات العنف المبني على النوع الاجتماعي تمثلت هذه الحالات بالعنف الجسدي والعاطفي والاعتداء الجنسي، يتم التركيز في جلسات الدعم النفسي على محاورالدعم النفسي المتمثلة بالعناية بالنفس، إدارة الضغط الدعم الاجتماعي و مهارات حل المشكلة ضمن خطة السلامة والأمن، ترتيب الأولويات والتخطيط للمستقبل.
يتم التعامل من خلال استقبال الحالة وبناء الثقة عالحالة ثم العمل على إعداد خطة السلامة والأمن، وتركز على العنف الواقع على السيدة وحمايتها بالدرجة الأولى مثل تحديد الأشخاص الداعمين للسيدة، وعدم الجلوس بمفردها والعمل على إشراكها وشغال الذات بأية هواية أو مهنه لتطوير ذاتها داخل وخارج المنزل.
إعداد حقيبة الأمان مثل الأوراق الثبوتية، مبلغ مالي صغير، يتم التركيزعلى النقاط الإيجابية الموجودة لديها مثل أنت قوية انت صبورة انت قدها …
يتم تحديد الأماكن الآمنة التي يمكن أن تلجأ إليها عند الحاجة، تزويد السيدات بأرقام الخط الساخن مثل إدارة حماية الأسرة، والمفوضية ومن ثم يتم تحديد الاحتياجات النفسية الأولية للحالة وتم تقييم الاحتياج مع السيدة.
يتم إحالة السيدة إلى الخدمات المطلوبة مثل الخدمات الصحية الاجتماعية المالية، بعدها يتم متابعتها بشكل دوي ووصولها إلى الخدمة وعدم حاجتها إلى خدمات أخرى مع تقديم خدمات الإرشاد النفسي ووصول السيدة إلى الرفاه النفسي.
نشعر بالفرح عندما ننجح بمساعدة المعنفات من النساء هكذا عبرت ولاء حسن – منسقة مشاريع في جمعية النساء العربيات في الأردن – مشروع تعزيز صمود وتمكين النساء الأردنيات واللاجئات السوريات للتصدي لتعرضهن للعنف المبني على النوع الاجتماعي، إذ نعتبر نجاة المرأة من العنف وعودتها إلى حياتها وتحقيق ذاتها، واهتمامها بعائلتها بشكل ونفسها بإيجابية بمثابة نجاح.
وعن المشروع تقول ولاء حسن أن المشروع ممول من الوكالة الإسبانية للتعاون الدولي من أجل التنمية عبر الهيئة الكتالانية للسلام ، بدأ في حزيران 2021 وينتهي في حزيران 2023.
ويهدف المشروع بحسب حسن إلى تعزيز نظام الحماية الاجتماعية الوطني الشامل بما يتماشى مع معايير الحماية الدولية (شاملة وشفافة وعادلة)، وبالتالي ضمان تلبية حقوق الأردنيين الأقل حظاً واللاجئين وضمان تعزيز حياة كريمة للجميع.
أما الهدف الخاص فيعنى بتقديم خدمات العنف المبني على النوع الاجتماعي للنساء والفتيات في المجتمع المحلي واللاجئات السوريات في مراكز جمعية النساء العربيات الآمنة في إربد والمفرق لمعالجة مشكلة العنف الأسري المتزايد ضد المرأة اثناء جائحة كورونا.
تفيد نتائج مسح المجلس الأعلى للسكان – السكان والصحة الأسرية لعام (2017-2018)، أشارت إلى أنّ 21 بالمائة من السيدات اللواتي سبق لهنّ الزواج، قد تعرّضن لعنف جسدي مرة واحدة على الأقل منذ أن كنّ في عمر 15 سنة، و14 بالمائة تعرّضن لعنف جسدي خلال الـ12 شهر السابقة للمسح، وأنّ 2 بالمائة منهن تعرّضن لهذا النوع من العنف أثناء الحمل.
تبرير ضرب المرأة، وعدم طلب المساعدة عند التعرّض للعنف يُعتبر من أكبر التحديات التي تواجه الأردن في مجال القضاء على العنف ضدّ المرأة، فقد أشار المسح إلى موافقة 46 بالمائة من السيدات اللواتي سبق لهنّ الزواج و69 بالمائة من الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و49 سنة، على أنّ ضرب الزوجة له مبررات.
وتنص المادة 333 من قانون العقوبات على أن “كل من أقدم على ضرب شخص أو جرحه أو إيذائه عن قصد، بأي فعل مؤثر من وسائل العنف، ونجم عن الاعتداء مرض أو تعطيل عن العمل مدة تزيد عن عشرين يوماً، عوقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات”. فيما تنص المادة 334 من القانون نفسه على أنه “إذا لم ينجم عن الفعل مرض أو تعطيل، أو نجم عنه مرض أو تعطيل لمدة أقل من عشرين يوماً، يعاقب الفاعل بالحبس لمدة لا تزيد عن سنة أو غرامة لا تزيد على خمسة وعشرين ديناراً، أو بكلتا العقوبتين.”
وفي مجال العنف الجنسي، أظهرت نتائج المسح أنّ 5 بالمائة من السيدات سبق لهنّ أن تعرّضن لهذا النوع من العنف، من الزوج الحالي أو السابق، كما أظهرت نتائج المسح أنّ 26 بالمائة من السيدات اللواتي سبق لهنّ الزواج، أفدن بأنهنّ سبق أن تعرّضن للعنف الجسدي أو الجنسي أو العاطفي من أزواجهن الحاليين أو آخر أزواجهن.