المرصد العمالي: الأردن ما يزال بعيدا عن تطبيق معايير العمل اللائق
5 أكتوبر، 2022همم تدعو لدعم الإعلام المجتمعي
24 أكتوبر، 2022– يحتفل باليوم العالمي للمعلمين يوم 5 تشرين الأول/أكتوبر سنويا منذ عام 1994، وهو بمثابة إحياء لذكرى توقيع التوصية المشتركة الصادرة عن منظمة العمل الدولية ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) في عام 1966 والمتعلقة بأوضاع المعلمين، وتحدد هذه التوصية حقوق المعلمين وواجباتهم، والمعايير الدولية لإعدادهم الأولي وتدريبهم اللاحق، وحشدهم وتوظيفيهم، وظروف التعليم والتعلم، كما تضمن هذه التوصية عدة توصيات تتعلق بمشاركة المعلمين في القرارات التعليمية من خلال الحوار الاجتماعي والتفاوض مع الهيئات المعنية بالتعليم .
من هذا المنطلق تهدف جمعية تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان من خلال هذا التقرير إلى تقديم عرض لبيئة وظروف عمل المعلمين/المعلمات في المدارس الخاصة، كما سيخصص جزء للحديث عن أوضاعهم خلال أزمة فيروس كورونا المستجد.
المعلمون في أرقام
يبلغ عدد المعلمين والمعلمات ما يقارب 1330089 ألف معلم ومعلمة منهم 39653 من الذكور، و90436 من الإناث، يعمل منهم في وزارة التربية والتعليم 85845 ألف معلم ومعلمة، أما العاملون في القطاع الخاص فيبلغ عددهم 38010 معلم ومعلمة، ويبلغ عددهم في وكالة الغوث 4273 ألف معلم ومعلمة، أما المعلمون والمعلمات في المدارس التابعة لوزارة التنمية الاجتماعية ووزارة الدفاع ووزارة الأوقاف يبلغ عددهم 1961 معلم ومعلمة .
ويتوجب الإشارة هنا أن التقرير الإحصائي السنوي لعام 2021 والصادر عن دائرة الإحصاءات العامة جاء فيه أن أعداد المعلمات والمعلمين تراجعت بنسبة 7.2% خلال العام الدراسي 2020-2021 مقارنة مع العام الدراسي 2019-2020، حيث فقد (10.159) معلم ومعلمة وظائفهم منهم 7778 معلمة و 2381 معلماً وظائفهم سواء بالاستقالة أو إنهاء الخدمات، وكانت جائحة كورونا والتحول إلى التعليم عن بعد وإغلاق المدارس خلال فترات الحظر أهم أسباب هذا التراجع.
يبلغ دخل المعلم في القطاع الحكومي ممن وصل إلى الدرجة الخاصة، وبعد أكثر من 30 سنة خدمة ما يقارب 700 دينار أردني، ويصل دخل المعلم في بداية الالتحاق بالمهنة إلى ما يقارب 400 دينار أردني، شاملا مختلف العلازات (علاوة فنية، علاوة غلاء معيشة، العلاوة الإشرافية إن وجدت، علاوة العائلة إن وجدت)، بينما يصل دخل المعلمات العاملات والمعلمين في القطاع الخاص إلى 260 دينار في غالبية المدارس، مع الإشارة إلا أن غالبية العاملين في القطاع الخاص لا يحصلون عليه بل تصل أجورهم أحيانا إلى 100 دينار، في مخالفة واضحة لقانون العمل الأردني، الذي حدد الحد الأدنى للأجور 260 دينارا أردنيا.
ومن هذا المنطلق سنتناول في هذه الورقة ظروف المعلمين والمعلمات العاملين في القطاع الخاص من حيث ظروف وبيئة العمل.
ظروف المعلمين/ات على أرض الواقع
يتعرض المعلمون/ات لتحديات عدة تتخذ أشكالا مختلفة سواء من حيث الحقوق العمالية، أو الاشتراك في الضمان الاجتماعي أو تلك المتعلقة بشروط وبيئة العمل الخاصة بالمهنة، حيث يعاني المعلمون/ات العاملين في المدارس الخاصة من انتهاكات عدة، حيث الأجور المتدنية وأحيانا تقل عن الحد الأدنى للأجور، والفصل التعسفي، وإنهاء عقود العمل كل نهاية فصل حتى لا تتكلف إدارة المدارس الخاصة برواتب العاملين والعاملات خلال فترة العطلة، وحرمانهم من الإجازات السنوية والمرضية، وطول ساعات العمل ودوام يوم السبت دون الحصول بدل عمل إضافي، وإنهاء خدمات المعلمات الحوامل أو رفض تعيينهن أساسا واشتراط عدم نية الإنجاب قبل توقيع العقد، ومع أزمة “كورونا” تعمفت وازادات الانتهاكات الواقعة بحقهم وأصبح الالتفاف على القانون أكثر سهولة بعد إصدار أمر الدفاع (6) وتعديلاته وفقا لرصد فريق عمل تمكين العامل في الميدان.
فيما يتعلق بالأجور رصد فريق تمكين أن غالبيتها يتراوح ما بين 50 و 200 دينار شهريا، وأعداد قليلة منها تتراوح ما بين 300 و 600 دينار، مع الإشارة أن قطاعات واسعة من المعلمات والمعلمين يحصلون على أجور شهرية تقل عن الحد الأدنى لها، وفي هذا الجانب تقوم بعض من إدارات المدارس بإجبار المعلمات والمعلمين على توقيع عقود عمل سنوية برواتب 260 ديناراً، إلا أنهم يتقاضون رواتب أقل من ذلك بكثير، خاصة المعلمات اللاتي يتقاضين رواتب تتراوح حول 50 إلى 100 دينار شهريا، حيث رصد العديد من الحالات في عمان والزرقاء واربد.
كذلك يتقاضى معلمو ومعلمات هذا القطاع أجورا عن 10 أشهر في السنة، ما يعد مخالفة واضحة للعقد الموحد الخاص بعمل معلمي ومعلمات المدارس الخاصة، الذي يعطي المعلمين والمعلمات الحق في أجور السنة كاملة بدءاً من سنة العمل الثانية، حيث يتم إنهاء خدمات المعلمين/ات خلال عطلة ما بين الفصلين والعطلة الصيفية على الرغْم أن هنالك معلمات يطلب منهم عمل خلال هذه الفترة.
يشار إلى أن العقد الموحد ينظم كافة جوانب عمل المعلمين والمعلمات في القطاع الخاص، حيث تتضمن بنوده مدة العقد وتثبيت رواتب المعلمين عبر عقود العمل، وفي حال تجديد العقد لفترة ثانية يبدأ من التاريخ السابق، بموافقة الطرفين حفاظا على حقوقهما ومكتسباتهما، كما تضمن نصا صريحا بوجود زيادة سنوية لا تقل عن 3 % من الراتب الأساسي، إضافة إلى احتساب بدل إضافي لأي عمل ينجز خارج أوقات الدوام الرسمي، إضافة إلى مزايا أخرى.
ومع أنّ كتاب تجديد الرخص السنوية للمدارس يشترط إحضار المؤسسات التعليمية الخاصة كشوفات بالتحويلات البنكية، إلا أن تدني الأجور حتى عن حدها الأدنى لا تزل مشكلة تراوح مكانها، حيث هنالك العديد من الطرق التي يمارسها بعض أصحاب العمل بتجاه إعادة فرقية الأجر له من قبل المعلمين/ات.
أما بالنسبة لشمول المعلمين والمعلمات في مظلة الضمان الاجتماعي، تم رصد مجموعة من الحالات حيث تقوم بعض إدارات بتسجسل جزء من العاملي ولا تسجل البقية، فيما تقتطع اشتراكات الضمان الاجتماعي كاملة من رواتب المعلمات والمعلمين في مدارس أخرى، إلى جانب قيام إدارات مدارس بخصم اقتطاعات الضمان الاجتماعي من رواتب المعلمات والمعلمين، دون أن تقوم بإشراكهم أصلا في الضمان الاجتماعي.
ومن الانتهاكات أيضا أن غالبية إدارات المدارس الخاصة تقوم بحرمان المعلمين والمعلمات من حق الإجازة السنوية والمرضية. وإذا ما اضطرت المعلمة أو المعلم للغياب لأسباب مرضية، تقوم الإدارة باقتطاع أجور أيام الغياب من رواتبهم الشهرية أو على المعلمة على سبيل المثال لا الحصر أن تحضر بديلة عنها وتعطى أجر هذا اليوم من راتب المعلمة الأساسية، إلى جانب ذلك هنالك غياب الاستقرار الوظيفي لغالبية المعلمين/ات حيث يغيب شعور الاستقرار والأمان عنهم بسبب ممارسات بعض الادارات، إلى جانب أن إنهاء عقودهم مرتبط بقرار إدارة المدرسة التي قد تنهي عملهم دون مبرر.
ويقبل العديد من العاملين في التعليم الخاص ظروف العمل الصعبة وتدني الأجور بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة، إلى جانب عدم وجود خبرة، حيث إن غالبية المدارس تدفع الحد الأدنى من الأجور، لكنها تشترط الخبرة. يضاف إلى ذلك أن هذه الخبرة تحتسب عندما تحصل المعلمة على تعيين في مدارس وزارة التربية، إذ سيكون هناك زيادة على راتبها المقرر، مقابل كل سنة خبرة سابقة.
يجدر الإشارة أنه ووفقا لقانون العمل، يعاقب صاحب العمل، بغرامة لا تقل عن 500 دينار، ولا تزيد عن ألف دينار، عن كل عامل يتلقى أقل من الحد المقرر للأجور. ويحكم للعامل بفرق الأجر. وتضاعف العقوبة في حال تكرارها. ووفق قانون الضمان الاجتماعي، في حال عدم إشراك العامل بالضمان، يلزم صاحب العمل بتأدية كامل الاشتراكات المستحقة بأثر رجعي من تاريخ التحاق العامل بالعمل، إضافة إلى فائدة مقدارها 1% شهريًا، وغرامة مقدارها 30% من قيمة الاشتراكات المستحقة. ويدفع 500 دينار عقوبة عن كل عامل لم يشمله بالضمان.
مهام غير تعليمية
في هذا الجانب رصد فريق تمكين العديد من الحالات المتعلقة بالمهام التي يؤديها المعلمون والمعلمات، حيث يتم إجبارهم على أداء بعض المهام التي ليست لها علاقة بوظيفتهم ، فالبعض منهم يقوم بأعمال المحاسبة، والبعض الآخر يعمل في تنظيف الغرف الإدارية وتقديم الضيافة، فيما تقوم بعض المعلمات بأعمال السكرتاريا.
وفاة معلمة بمكان عملها
توفيت ربى يوم 22 آذار 2022، بعد ثمانية أيام من إصابتها بإعياء شديد أثناء دوامها في المدرسة، حسب منسقة حملة قم مع المعلم، ناريمان الشواهين، التي أكدت أن المعلمة المتوفية كانت تجبر على مرافقة التلاميذ في جولات الباصات من منازلهم وإليها، رغم أن هذا ليس قانونيًا وليس من مهامها الوظيفية، كما كانت تُمنَع، من الجلوس أثناء الحصص. إضافة إلى ذلك، ثبت أنها وفي وقت كان يحول إلى حسابها البنكي راتب مقداره 260 دينارًا، وهو المبلغ المدون في عقدها مع المدرسة، فإنها كانت كل شهر تعيد لمالك المدرسة 100 دينار منها، كذلك كان اشتراك ربى في الضمان الاجتماعي، موقوفًا من قِبَل المدرسة منذ تعينها، وجرى اشرامها مع بداية العام الدراسي في أيلول 2021، الأكر الذي أكده بيانًا أصدرته «قم مع المعلم» يثبت أن لربى فترة خدمة سابقة غير موثّقة في السجلات الرسمية، حيث، وبحسب البيان، تثبت سجلات وزارة التربية أن ربى عملت في المدرسة منذ بداية أيلول 2018 إلى بداية كانون الأول 2018، قبل أن يرسل صاحب العمل من المدرسة كتاب «انفكاك» لها، أي إنهاء خدمات، دون أن تكون في الحقيقة قد قدمت استقالتها. لكن شهادة تقدير حصلت عليها من المدرسة، تثبت أنها داومت هذا العام الدراسي بأكمله. تقول الشواهين إن توظيف معلمات من دون توثيق ذلك في السجلات الرسمية لأي جهة، هو ظاهرة منتشرة على نطاق واسع جدًا في المدارس الخاصة في المملكة. يساعد على ذلك ضعف التفتيش من قبل الجهات المعنية.
وبعد متابعة قضية المعلمة من قبل الحملة أعلنت يوم 3 تموز 2022 ، تم إعلان اشتراك المعلمة بالضمان الاجتماعي بأثر رجعي. وهذا يعني استكمالها المدة المنصوص عليها لتوريث راتبها لأطفالها.
ولفتت الشواهين إلى أنّ هناك بطالة كبيرة بين المعلمات وعرض كثير وحاجة سوق العمل قليلة، وهذا يجعل أصحاب العمل يجبرون المعلمات على العمل خارج العقود القانونية، وإذا لم يوافقن يخبرونهن أن هناك المئات ممن يوافقن على شروطه بسبب الفقر والبطالة .
التوصيات
يعاني غالبية المعلمبن/ات من ظروف عمل غير لائقة، ولتحسين بيئة العمل نوصي بـ:
1. زيادة أعداد مفتشي العمل وتطوير قدراتهم لمتابعة ظروف العاملين/ات في المدارس الخاصة.
2. تغليظ العقوبة بحق المخالفين من أصحاب المدارس.
3. توثيق تجربة العمل عن بعد وإيجاد آليات للعمل خلال الأزمات.
4. تدريب المعلمين/ات وتأهيلهم للتعامل مع التكولوجيا الحديثة واستخدامها في التعليم.
5. تحديد ساعات العمل، وإيجاد آليات متابعة.