جلسة نقاشية حول مسودة مشروع “قانون التخطيط والتعاون الدولي لسنة 2023”- 8 آذار 2023
25 أبريل، 2023المرصد العمالي يُطالب بتطبيق معايير السلامة والصحة المهنية بأماكن العمل
27 أبريل، 2023فيما يستعد العالم للاحتفال بعيد العمال بعد أيام، يؤكد خبراء وناشطون عماليون أن الحقوق العمالية في الأردن تشهد تراجعا ملحوظا في مختلف القطاعات، وسط غياب واضح لمعايير العمل اللائق كما نصت عليها التشريعات الدولية والقوانين المحلية.
وبين هؤلاء الخبراء في حديثهم لـ”الغد” أن اليوم العالمي للعمال هذا العام يأتي وسط تحديات عديدة، نتيجة معدلات البطالة المرتفعة واستمرار تأثير تداعيات جائحة كورونا على نسب التشغيل في المملكة.
وتطرقوا إلى التعديلات التي حصلت على قانوني الضمان الاجتماعي والعمل، والتي رأوا أنها لم تلب الطموحات بل جاءت غالبيتها مخيبة للآمال.
وفي هذا الصدد، قال رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال الأردن مازن المعايطة، إنّ الحقوق العمالية في المملكة تشهد تراجعا في المرحلة الراهنة وفي شتى القطاعات، كما أن بيئة العمل في بعض القطاعات الاقتصادية تتعرض للعديد من التحديات التي تحول دون وصولها إلى بيئة عمل لائقة، مشيرا إلى أنّ الاتحاد ومن خلال النقابات العمالية حقق العديد من الإنجازات والمكتسبات ضمن القطاعات الاقتصادية التي تمثلها النقابات.
وأضاف المعايطة، أنّ النقابات العمالية المنضوية تحت مظلة الاتحاد تمكنت، خلال الفترة الماضية وضمن الدورة النقابية الحالية، من تحقيق العديد من الإنجازات والمكتسبات للعمال الذين تمثلهم وفي مختلف النشاطات والقطاعات، وذلك من خلال توقيع اتفاقيات عمل جماعي مع أصحاب العمل؛ بعضها كان على مستوى المنشآة، والأخر على مستوى قطاعي، مبينا أن معظمها تم التوصل إليها من خلال المفاوضات المباشرة.
وأوضح، أنّ تعزيز معايير العمل اللائق والارتقاء بحقوق العمال كما نصت عليها التشريعات والقوانين الناظمة؛ ضرورة اقتصادية ومصلحة وطنية، إذ إنّ النهوض بمنظومة الاقتصاد الوطني وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، لا يتحقق إلا بخلق فرص عمل لائقة وآمنة تكفل حقوق العمال وتحترمها ولا تتجاوز عليها.
وأشار إلى أنّ الاتحاد ظل على الدوام يركز على أهمية توفير الأمن الوظيفي وعدم فقدان العمال لوظائفهم؛ وذلك في أكثر من قضية عمالية تدخل الاتحاد فيها، لاسيما في المنشآت والمؤسسات التي تتعرض لظروف مالية وتعثر، بهدف عدم زيادة أعداد العاطلين عن العمل والتقليل من نسب البطالة المرتفعة.
وأوضح، أن قطاعات عديدة ما زالت تعاني من بيئات عمل غير لائقة، وحقوق العاملين فيها تتعرض إلى تهديد من حيث الأجور العادلة، وساعات العمل، وظروف العمل وشروطه، إضافة إلى الضمان الاجتماعي، والإجازات، والصحة والسلامة المهنية .. وغيرها.
ولفت المعايطة، إلى أن الاتحاد يؤكد تمسكه بنهج الحوار الاجتماعي بين شركاء العمل والإنتاج (العمال، أصحاب العمل، الحكومة)؛ بصفته الأداة المناسبة لتحقيق التوازن بين علاقات العمل، وحفظ حقوق أطراف المعادلة الإنتاجية، وسبيلاً لحل النزاعات العمالية، إلى جانب تعزيز المفاوضة الجماعية بين العمال وأصحاب العمل للوصول إلى توافقات تكفل حقوق الطرفين.
من جانبه، قال مدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية أحمد عوض إن “أهم القضايا العمالية التي تحتاج إلى تركيز وتطوير، تتمثل بأن معدلات البطالة مرتفعة جدا ولم نخرج حتى الآن من تداعيات جائحة كورونا”.
وبين عوض أنه قبل الجائحة كان معدل البطالة نحو 19 بالمائة، والآن يصل إلى حوالي 23 %، وهذه المعدلات تعتبر عالية جدا وهي مؤشر على “أننا لم نتعاف من الجائحة وخاصة من جانب فرص التشغيل”.
وأضاف أن قضية أخرى ترتبط بهذا الموضوع حول برامج التشغيل التي تعمل عليها الحكومة، و”تقديرنا الأولي لها أنها مجهود طيب لكن ما ينقصها هو عدم فعاليتها التي تتأتى من التشغيل الحقيقي ودعم التشغيل ودعم اشتراكات الضمان الاجتماعي، وبذلك أصبحت وسيلة لدعم أصحاب العمل وليس لمعالجة موضوع التشغيل”.
وأما الموضوع الثاني بالنسبة للقضايا العمالية بين عوض أنه يجب تحسين شروط بيئة العمل بما يتناسب مع القانون على أرض الواقع، معلقا: “حتى معايير العمل الواردة في قانون العمل غالبيتها لا تحقق شروط العمل، وما يزال جزء كبير من العاملين والعاملات يأخذون رواتبهم في تاريخ يتعدى التاريخ القانوني لتسليم الأجور.”
وأشار إلى أن هناك شركات لا تشرك العمال بالضمان الاجتماعي أو تشركهم بأجور أقل من الأجور الفعلية التي يحصلون عليها حتى يقللوا التكلفة عليهم، وحتى ساعات العمل والإجازات ما تزال تواجه اشكاليات في عدد كبير من الشركات، وكذلك البلاغات التي تصدرها وزارة العمل حول العطل الرسمية وشمولها للقطاع الخاص.
وطالب بوقف كافة أشكال التمييز بالرواتب، لأنها لا تخالف معايير العمل الدولية فقط، بل تخالف نصوص قانون العمل الأردني.
وتطرق إلى قضية سياسات الأجور داعيا إلى تراجع الحكومة عن عدم رفع الحد الأدنى من الأجور وفقا لمعدلات التضخم، معلقا: “أنا أرى أن رفع معدلات النمو والانتاج لا يتأتى بدون تحفيز العمال ورفع أجورهم وتوفير الحمايات الاجتماعية لهم”.
بدورها، قالت مديرة مركز تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان ليندا كلش إنه يجب الاهتمام بالصحة والسلامة المهنية في بيئة العمل، خاصة أن هنالك بيئة غير مأمونة قد تؤدي إلى كوارث، مثلما حصل في حادثة العقبة أخيرا، إذ تسرب غاز سام بعد سقوط صهريج في الميناء، ما أحدث انفجارا هائلا؛ أدى إلى وفاة 13 شخصا، وإصابة 332 آخرين.
وبينت كلش أن “تمكين” سجل ملاحظات على قانون العمل المُقر، حيث تجاهل عددا من المواد المهمة التي تحتاج إلى تعديل، إلى جانب إقراره مواد لن تحقق الغاية منه يتعلق بحماية العاملين والحفاظ على عناصر العملية الإنتاجية.
وتطرقت إلى قانون العمل وقانون الضمان الاجتماعي المُقر، مبينة أنه يحد من الحمايات الاجتماعية المُقدمة للعاملين المُنضوين تحت مظلة الضمان الاجتماعي خاصة أن القانون المُقر أورد تعديلات على المادة (59) منه، تتيح للقطاع الخاص تخفيض نسبة الاشتراكات الشهرية لتأمين الشيخوخة والعجز والوفاة بنسبة تصل إلى 50 % عن المؤمن عليهم من الأردنيين الذين يتمون 30 عاما من العمر، ولم يسبق لهم الاشتراك بالضمان، على أن يصدر نظام لهذه الغاية يراعي تحقيق الغاية المنشودة وهي الحد من ظاهرة البطالة.
وأضافت كلش: “نرى هنا أن هذا التعديل يترتب عليه تخفيض الاشتراكات الكلية من (21.75 %) من أجر العامل الخاضع للضمان إلى (13.5 %)، وخلال هذا التعديل لن تحتسب مدة خدمة المؤمن عليه في هذه الحالة كاملة كفترة اشتراك لغايات تقاعد الشيخوخة والمبكر، وإنما ستحسب له (50 %) من هذه الخدمة فقط، فإذا كان مشمولا بتأمين الشيخوخة الجزئي لمدة (10) سنوات مثلا، فإن ما يدخل منها ضمن اشتراكاته الخاضعة للتقاعد هو (5) سنوات فقط، كذلك إن هذا التعديل يحرم العاملين دون سن الثلاثين بالشمول الكامل بتأمين الشيخوخة.
وبينت أن هذا التعديل يشكل “تمييزا سلبيا في الحقوق بين مجتمع المؤمّن عليهم، فبينما تحظى فئات منهم بالحصول على حقها كاملا بالشمول الكلي بتأمين الشيخوخة، تحرم فئات أخرى من هذا الحق، كما سُيؤدي الشمول الجزئي بهذا التأمين في بعض الحالات إلى حرمان المؤّمن عليه وأسرته في حالة الوفاة الطبيعية أو العجز الطبيعي من الحق بالحصول على راتب تقاعد الوفاة أو العجز بسبب تخفيض المدة المحسوبة كاشتراك بالضمان”.
وأضافت أن ذلك “يؤثر على المدة المطلوبة كحد أدنى لاستحقاق راتب تقاعد الوفاة الطبيعية أو راتب اعتلال العجز الطبيعي، وسيساهم هذا التعديل أيضا بتركُّز البطالة بين الفئات العمرية الأخرى التي تزيد أعمارها على (30) سنة، حيث سيكون من مصلحة أصحاب العمل البحث عن عاملين دون سن الثلاثين لتوفير كلف اشتراكهم بالضمان والحصول على تخفيض بنسبة (8.25 %) من أجورهم.
وقالت: كذلك تضمنت التعديلات تخفيض الاشتراكات التي تدفعها الحكومة مقابل شمول المؤمّن عليهم العسكريين بتأمين الشيخوخة والعجز والوفاة من 20.5 % إلى 17 %، وتخفيض الاشتراكات التي تدفعها الحكومة مقابل شمول المؤمّن عليهم العسكريين بتأمين الشيخوخة والعجز والوفاة من 20.5 % إلى 17 %، ما يشكّل خطراً على المركز المالي للضمان، ويؤدي لوقوع عجز في الحساب الخاص بالمؤمّن عليهم في القطاع العام؛ المدني والعسكري، إلى جانب تخفيض الحمايات الاجتماعية المقدمة لهذه الفئة.
وأشارت كلش إلى أنه في بداية العام 2023 تم تطبيق الحد الادنى لغير الاردنيين ليصبح 260 دينارا، لكن غالبية المنشآت لم تلتزم به.
وتطرقت إلى موضوع تصاريح العمل والأنظمة ذات العلاقة الصادرة عنها التي تحد من الحمايات الاجتماعية للعمال غير الأردنيين، وتسمح باستغلالهم في بعض الأحيان.
وأما بالنسبة لحقوق العمال، قالت كلش إن تحديات كثيرة تواجه العمال في سوق العمل الأردني، وغالبيتهم يعانون من ظروف عمل غير لائقة، سواء من حيث عدم توفر فرص عمل أو انخفاض مستويات الأجور واتساع ظاهرة العمل غير المنظم، وغياب الأمن والاستقرار الوظيفي، واتساع رقعة الانتهاكات والاعتداءات على حقوقهم. وأشارت إلى أن عمال الزراعة ما زالوا يعانون من عدم إشراكهم في مظلة الضمان الاجتماعي، على الرغم من صدور نظام عمال الزراعة الذي ينص على شمولهم بها.
في حين رأت أن برنامج التشغيل الذي أطلقته الحكومة لا يختلف في الشكل عن البرامج التي اعتادت الحكومات على إطلاقها خلال العشر سنوات الماضية، إذ إنه يسعى إلى تشبيك القطاع الخاص مع الموظفين، حيث إن مشكلة برامج التشغيل غير مستدامة ولا تسعى إلى استحداث فرص عمل من خلال خلق مشاريع إنتاجية تساعد على تشغيل المتعطلين عن العمل، كما أنها لا تعالج سياسات التعليم، وتفتقر إلى استهداف تحسين شروط العمل في القطاع الخاص.
وحول ارتفاع معدلات البطالة، بينت كلش أن نسبة المشاركة الاقتصادية للقوى العاملة في الأردن، متدنية جدا إذا ما قورنت بالعديد من البلدان الأخرى، وعليه يتوجب تمكين المنشآت الصناعية والاقتصادية للتوسع في مستوى الإنتاج والتوظيف، والعمل على مواءمة ظروف العمل والمزايا من حيث ساعات العمل والتأمين الصحي والأمان الوظيفي لتحفير العمل في القطاع، إضافة إلى التأكيد على ضوابط العمل اللائق التي تحترم حقوق العاملين وتضمن الحماية الاجتماعية لهم.
وشددت على ضرورة الحد من استغلال العمالة الوافدة من خلال مراجعة أنظمة تصاريح العمل وإنفاذ القانون، وتفعيل التحويل الإلكتروني للأجور، وأتمته نظام الشكاوى العمالية وربطه بنظام التفتيش في وزارة العمل.
بدوره، قال رئيس اتحاد النقابات العمالية المستقلة المهندس عزام الصمادي إن “الأول من أيار هذا العام يأتي في ظل ظروف صعبة تعيشها القوى العاملة الأردنية نتيجة السياسات الاقتصادية والاجتماعية للحكومات الأردنية المتعاقبة، والتي كانت نتيجتها ارتفاع نسب البطالة بين صفوف القوى العاملة وخاصة عند الشباب والمرأة وارتفاع الأسعار وتآكل الأجور.
وأضاف الصمادي أن هذا الأمر يضع تحديات صعبة وكبيرة أمام الحركة العمالية الأردنية ما يحتم عليها وضع أولويات أمامها لكي تعمل على تحقيقها في العام القادم، ومنه المطالبة بضرورة إصلاح شامل لقانون العمل الأردني لإدخال تعديلات عليه تتوافق والمعايير الدولية لعلاقات العمل، وبحيث يكون قانون عمل متوازن بين أطراف الإنتاج.
وأكد ضرورة المطالبة بتنظيم سوق العمل الأردني، للتخفيف من البطالة ما أمكن من خلال إدماج العديد من القوى العاملة الأردنية في سوق العمل.
وشدد على ضرورة المطالبة بقانون ينظم العمل النقابي وتكون حرية هذا العمل أساس وجود هذا القانون لينسجم مع الدستور ومعايير العمل الدولية وليرفع التهميش عن الحركة العمالية الأردنية.
وأكد ضرورة المطالبة بتصويب كل التعديلات السلبية على قانون الضمان الاجتماعي، إلى جانب المطالبة بتأمين صحي شامل للقوى العاملة الأردنية وخاصة لمن ليس لهم أي مظلة تأمين صحي.
وبين الصمادي ضرورة المطالبة بتوحيد الحركة العمالية الأردنية تحت مظلة واحدة على أسس ديمقراطية.
وقال إن تحقيق هذه الأهداف لا يمكن له أن يتم إلا في ظل وجود حركة عمالية واعية ومنظمة وقادرة على فرض أجندتها بحوار اجتماعي حقيقي يؤمن به كل أطراف الإنتاج، حكومة وأصحاب عمل وعمالا.
جريدة الغد