في الأردن.. حرية على مقاس السلطة
5 يونيو، 2022ضحايا التنمر الإلكتروني بين الموت والنجاة
6 يونيو، 2022حافظ الأردن على ترتيبه في مؤشر “مدركات الفساد” لعام 2021، الذي تصدره منظمة الشفافية الدولية، بحصوله على درجة 49 من 100، وعلى المركز الخامس عربياً أيضا بعد الإمارات وقطر والسعودية وعُمان.
وهو ذات الترتيب الذي سجله على مؤشر مدركات الفساد لعام 2020، علماً بأنه منذ عام 2017 والأردن تُراوح درجاته على المؤشر بين 48 و49.
وخلال عام 2021 تقدم الأردن ضمن معايير مصدر “الكتاب السنوي للتنافسية العالمية الصادر عن معهد التنمية الادارية” بمقدار 9 درجات، وعلى مصدر استطلاع رأي التنفيذيين الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي بمقدار درجة واحدة، ويشترك هذان المصدران بقياس انطباعات الرشوة في القطاع العام. ويبرِزان تجربة رجال الأعمال مع القطاع العام.
وتراجع ضمن معايير مصدر تقييم “مؤشر التحولات الصادر عن منظمة برتلسمان” بمقدار 4 درجات، و”الدليل العالمي لمخاطر الدول” الصادر عن مؤسسة خدمات المخاطر السياسية، بمقدار 4 درجات، حيث يشترك هذان المصدران بقياس انطباعات استغلال المنصب العام في المناصب العليا ومدى محاسبة ومعاقبة مرتكبيه وإلى أي مدى تنجح الحكومة في الحد من الفساد في مؤسسات الدولة المختلفة، بالاضافة الى مدى انتشار الواسطة والمحسوبية ومدى ارتباط السياسة بقطاع الأعمال وتأثيرها عليه.
كما تراجع الأردن أيضاَ على مؤشر سيادة القانون الصادر عن “المشروع العالمي للعدالة” بمقدار درجتين. ويركز هذا المؤشر على مدى ممارسة السلطة من قبل الحكومة، وغياب الفساد والقدرة على ترسيخ الأمن والأمان والحقوق الأساسية بما في ذلك الصحة وغيرها، وسهولة الوصول إلى الخدمة ونوعيتها والحكومة الشفافة وإنفاذ القانون وقدرة الأفراد على الوصول إلى العدالة.
وتبين المديرة التنفيذية لمنظمة رشيد للنزاهة والشفافية (الشفافية الدولية – الأردن) ومنسقة مؤسسات المجتمع المدني “همم”، المهندسة عبير مدانات أن مؤشر مدركات الفساد يغطي مجموعة من الموضوعات التي تهمّ الصالح العام.
ومن هذه الموضوعات: الرشوة والمساءلة والرصد لكيفية استخدام الأموال العامة وإمكانية اختلاس المال العام واستغلال المسؤولين لمناصبهم لتحقيق مكاسب شخصية، وقدرة الحكومة على الحد من الفساد والإجراءات الروتينية والبيروقراطية التي تزيد فرص ظهور الفساد والمحسوبيات والمحاباة في التعيين بالوظائف والمناصب الحكومية، وملاحقة الفاسدين والقوانين الناظمة لذلك.
كما يتطرق المؤشر لحماية المبلغين عن الفساد والصحفيين والمحققين في حال تبليغهم عن حالات فساد، وقدرة المجتمع المدني على الوصول إلى المعلومات ذات الشأن العام ومساحة المساءلة المتاحة للمواطنين والمواطنات، بالإضافة إلى القدرة على الوصول إلى العدالة وإنفاذ االقانون.
وتلفت إلى أن مكافحة الفساد لا تقصُر فقط على عمل هيئة النزاهة ومكافحة الفساد، بل هي منظومه وطنية وجب التعامل معها بشمولية من خلال جميع السلطات وبالتعاون مع جميع الجهات الفاعلة في ترسيخ قيم الحوكمة الرشيدة والعدالة الاجتماعية وحقوق الانسان.
وتؤكد مدانات ضرورة الاستثمار في بناء قدرات الجهات الرقابية بسبل ترسيخ الشفافية والمساءلة، وبخاصة فيما يتعلق بالمواضيع والأبحاث العالمية التي توصل إليها المختصون عالميا لمكافحة هذه الآفة، ثم تعزيز دور هذه الهيئات بمنحها الاستقلالية الإدارية والمالية اللازمة لأداء واجباتها.
وتشدد مدانات كذلك على أهمية أن تعمل هذه الهيئات على خطوات مدروسة، بهدف تحقيق التزامات الأردن الدولية في هذا المجال؛ “حتى نستطيع أن نتقدم على المؤشرات العالمية، وحتى يلمس المواطن والمواطنة الجدية والتوافق بين التوجه المعلن والتطبيق”.
وترى أنه عندها “سيرى العالم والجهات التي ترصد دوليا بأن الأردن جاد في العمل على هذا الملف.
وتؤمن مدانات أن هذا يتم بالتخطيط الشمولي والصحيح ومتابعة التنفيذ ومساءلة ومحاسبة من يعرقل العمل، وبإشراك المواطنين والمواطنات ودعم المبادرات، وبضمان المساحة اللازمة لمنظمات المجتمع المدني المختصة بالرصد والاستفادة من خبرتها.
وتلفت أيضا إلى أهمية استكمال مواءمة جميع التشريعات لتتوافق مع اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد والاتفاقيات الثنائية، وتحديث وتجويد النصوص القانونية الحالية وفقاً للتجربة الأردنية.
وتدعو إلى جعل نتائج لجنة متابعة توصيات تقرير ديوان المحاسبة السنوي متاحة للعموم، والإفصاح عن المعلومات والأموال العامة بطريقة سهلة الفهم للمواطنين والمواطنات، ليتمكن الجميع من المساءلة المرتكزة على المعلومات الفعلية وليس الوهمية، إضافة إلى تعزيز دور الإعلام.
في السياق ذاته، يؤكد عضو مجلس هيئة النزاهة ومكافحة الفساد السابق العين الدكتور طلال الشرفات أن مؤشر مدركات الفساد هي من المعايير الدولية لقياس مدى التزام الدول بمظاهر الشفافية والحوكمة، وكذلك الأداء العام وبخاصة في المسائل المتعلقة بالوقاية من الفساد وإنفاذ القانون، إضافة إلى التعاون الدولي والتعامل مع منظمات المجتمع المدني التي تسعى إلى تعزيز منظومة النزاهة ومكافحة الفساد.
ويقول الشرفات إن هيئات النزاهة ومكافحة الفساد أنشأت التزاماً باتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، التي ألزمت الدول بإنشاء هيئات مراقبة جميع المسائل المتعلقة بالنزاهة والشفافية، ومنها مراقبة النمو غير الطبيعي للثروة، والوقاية من الفساد وإنفاذ القانون ووقف هدر المال العام.
ويرى أن مؤشر مدركات الفساد يؤدي إلى طريقة مثلى لدراسة هذه المعايير ومدى التزام هذه الدول بتلك المعايير، كحق الحصول على المعلومة واستقرار التشريعات وتشجيع الاستثمار الذي يؤدي إلى تحسين نوعية الحياة للأفراد.
وهو ما يؤدي، بتقديره، إلى انخفاض جرائم الفساد وحوكمة التشريعات المتعلقة بالحفاظ على المال العام والثقة العامة في مختلف المسائل المتعلقة باستثمار الوظيفة والرشوة، وهذه المسائل كلها تدرسها عدة مصادر تقييم الدول ومن ثم منظمة الشفافية الدولية من خلال احتساب النتائج في نهاية كل عام.
ويؤكد الشرفات أن مؤشر مدركات الفساد، من الناحية القانونية، “غير ملزم للدول”؛ ولكنه مؤشر “يستند عليه بشكل كبير جداً المستثمرون والممولون”. لذلك، فإنه، من الناحية الفعلية، مؤشر مهم، ويقيس مدى التزام الدول بمبدأ سيادة القانون ومبدأ العدالة والشفافية وتكافؤ الفرص بين أفراد المجتمع.
ويؤكد أن هيئة النزاهة ومكافحة الفساد قطعت أشواطاً في وضع وتحديث التشريعات في الأردن، إلا أنه يعتقد أن بعض هذه التشريعات ما تزال بحاجة إلى مزيد من العمل، وفي مقدّمِها “قانون الكسب غير المشروع”.
وتشير أرقام صادرة عن وزارة العدل لدراسة الجريمة والعَوْد الجرمي واستراتيجيات المواجهة في المجتمع الأردني لعام 2018، إلى أنَّ عدد الجرائم المخلة بواجبات الوظيفة والرشوة والاختلاس والاستثمار الوظيفي بين عامي 2013 – 2017 بلغت 297 جريمة، والرشوة للقيام بعمل حق وعقوبة الراشي 28 جريمة، والرشوة للقيام بعمل حق موظف وشخص ومحام 59 جريمة، والرشوة للقيام بعمل غير حق وعقوبة الراشي 41 جريمة، وعرض رشوة لم تلاق قبولا 536 جريمة.
بينما يفيد تقرير المحاكم النظامية الصَّادر عن المجلس القضائي للعام 2020 بأنَّ عدد الدَّعاوى التي وردت إليها بلغت 332 ألفا و122 دعوى، تمَّ الفصل بـ 317 ألفا و83 منها، وانتقلت 94 ألفا و838 منها إلى العام 2021، لتصل نسبة الفصل في القضايا إلى 5ر95 بالمئة من مجموع ما ورد إليها من دعاوى تعزيز الدور الرقابي.
تأسست رشيد عام 2013، برؤيا أردن متماسك بنظام نزاهة وطني، ورسالة تقوية دعائم الحكم الرشيد المستند على الشفافية والنزاهة والمساءلة وسيادة القانون من خلال المناصرة والرصد والرقابة والبحث والتوعية المجتمعية.
وتعمل على عدة محاور وهي: الرصد والتقييم، والمرأة ومكافحة الفساد، والمراجعات التشريعية تمكين الشباب من خلال التدريب والتعليم والإشراك، وبناء قدرات منظمات المجتمع المدني، والشفافية في المساعدات الانسانية، وتقييم خدمات القطاع الصحي. وإرشاد المواطنين والمواطنات، والقطاع الخاص.
وتهدف “رشيد” من خلال عملها إلى الارتقاء بمستوى النزاهة ومكافحة الفساد في القطاعين العام والخاص، وتعزيز وعي الأفراد من شتى القطاعات بأهمية الشفافية والمساءلة والإبلاغ عن الفساد، وتعزيز الأطر القانونية والتنفيذية لمنظومة النزاهة الوطنية، من خلال التواصل والتعاون وتبادل الخبرات مع المنظمات الدولية والإقليمية والوطنية والعمل على توسيع دائرة البيانات المتاحة للمواطن.