التعذيب في الأردن :إجراءات خجولة
17 أبريل، 2022أردنية تواجه يأسها بتحدي بعد فشلها ب 3 مشاريع
17 أبريل، 2022المفرق – همم
بالكاد تذكر مها، ذات الـ 18 ربيعاً، طفولتها وألعابها، وطيفاً ضحكات وشقاوة طفولة، عاشتها بين قريناتها في بلدتها درعا، جنوب سوريا.
في مخيم اللجوء، بمنطقة الزعتري شمالي المملكة، حلمت مها (اسم مستعار) بمستقبل ما، ينقذها من واقع اللجوء واشتراطاته، لتجد نفسها وشقيقيها بين حاويات القمامة، تلتقط منها الخردة وبقايا خبز متناثرة، لتجني منها بضع دنانير، تعتاش بها وذويها.
واصلت مها، وفق رواية والدتها الأربعينية، بحثها بين حاويات القمامة، لتنتقل تالياً للعمل في المزارع، وتجني ما تقتات به وأسرتها، التي غادرت سوريا دون والدها.
“لاح المستقبل أمام مها”، تقول والدتها، بفضل مشروع مؤسسة الملكة زين الشرف، لتغادر مربع الشقاء إلى العمل كمصففة شعر نسائية، ولتتاح لها فرصة العودة إلى مقاعد الدراسة، فتلتحق بالصف العاشر
تبتسم الأم بتردد، وتقول “من بعد خوف وتعب، لم تعد الشكوى حاضرة على لسان مها، فاليوم هي بحال أفضل”، وتصمت.
تغادر صمتها بابتسامة واثقة، وتكمل “أولادي اليوم على مقاعد الدراسة، بعد أن هجروها طويلاً، والفضل لله أولاً، ومن ثم مشروع الملكة زين الشرف”.
أم مها فرحة، فابنتها على مقاعد الدراسة، وتعمل بمهنة تليق بها في صالون تجميل، فيما أبناؤها يشقون طريقهم بثبات نحو مستقبل أملوه في بلادهم، وتحقق في الأردن.
لا تكترث مها بما ألمّ بها سابقاً، وتقول “نعم، كنت أعود إلى المنزل مرهقة، وقد نال مني التعب، وفي الليل أخشى إشراقة شمس اليوم التالي، لقد كان عملي غصة في القلب”.
وتكمل، والحديث هنا لمها، “سارعت أمي، فور سماعها من صديقات عن فرص التدريب، إلى تسجيلي في برنامج الحلاقة والمكياج، ليتحقق حلم طفولتي”.
اليوم، احتفلت مها، و13 مستفيداً ومستفيدة، بالتخرج من مشروع تدريبي، نفذته مؤسسة زين الشرق بالشراكة مع “مركز تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان”، بين عامي 2019 و2022.
لا تخفي مديرة المشروع في مركز تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان، ياسمين اشتي فخرها وهي تتحدث عن المشروع، الذي مكّن 14 مستفيداً ومستفيدة، ممن هم/ هن دون سن الثامنة عشر، من العودة إلى مقاعد الدراسة، والاشتراك ببرامج تدريبية، تضمن لهم مستقبلاً مهنياً.
تقول اشتي، في حديث لـ “همم”، أغلب مؤسسات المجتمع المدني تهتم بـ “توعية اللاجئين من مخاطر عمل الأطفال، وتتوقف عند هذا الحد”، وتضيف “عمل الأطفال ليس حلاً لمساعدة العائلة ماديا، اليوم أصبحت العائلات أكثر وعياً نحو مستقبل أطفالهم”.
وأشارت اشتي أن “مشروع مؤسسة زين الشرف خرّج الفوج الأول، فيما يشارك فيه الآن 16 مستفيداً ومستفيدة، هم الفوج الثاني، الذي يتدرب مهنة الحلاقة والتجميل”.
في تقريرها، حول عمالة الأطفال، يقول مركز تمكين إن عمالة الأطفال “ظاهرة آخذة بالتفشي”، وتزداد شراسة بالتزامن مع وباء كورونا، وفقدان المعيلين الرئيسين للأسر مصادر الدخل الرئيسية.
ويناهز عدد الأطفال العاملين في الأردن، وفق مسح وطني أجري عام 2016، قرابة 76 ألف طفل عامل، يعمل منهم 45 ألفاً في قطاعات خطرة، فيما ارتفعت أعداد الأطفال العاملين في المهن الخطرة بين عامي 2020 و2022.
وتعكس اجتماعات تحديث الاستراتيجية الوطنية لمكافحة عمل الأطفال مخاوف من ازدياد أعداد الأطفال العاملين إلى 100 ألف طفل، أكثرهم في القطاعات الخطرة.
وتتعدد الأسباب لازدياد أعداد الأطفال العاملين، فيما كشفت ورقة موقف أعدها مركز تمكين، بعنوان “في مهب الجائحة: أطفال يلقون بحقائب المدرسة ليذهبوا إلى العمل”، أن تردي أوضاع العائلات الاقتصادية في أزمة كورونا أدت لدفع أطفال من العائلات -الأقل أجرًا- إلى سوق العمل، عدا عن فقدان المعيلين الأساسيين لفرص العمل جراء تسريح العمال خاصة في المهن غير الرسمية، فضلاً عن أثر التحوّل من التعليم الوجاهي إلى التعليم الإلكتروني.
ويتفق كُثر ان التعليم عن بعد وعدم توفر خدمات الانترنت والأجهزة الالكترونية بما يفي لمتابعة الدروس وفق اشتي قد أتاح فرص لعدد كبير من الأطفال للعمل في مهن بيع المشروبات الساخنة، الميكانيك والنجارة، وبيع القصص والألوان وغيرها…
هجروا طفولتهم قبل أن يدركوها فتركت وفق اشتي أثرها النفسي مكتسبين عادات تضر بصحتهم كالتدخين والإدمان والأدهى من ذلك الشتم والإنعزال والإنطوائية في المنزل فهذا أمر أدى إلى ابتعادهم عن اهتمامات اعتاد أقرانهم على ممارسة حياتهم بشكل طبيعي .