ملتقى “حرية التجمع السلمي والجمعيات”
22 يونيو، 2022مراقبون: تشريعات ونقابات وراء تراجع الحركة العمالية الأردنية
1 يوليو، 2022تعظيم الفرص لتعافٍ يشمل الجميع ويعزز القدرة على مواجهة الأزمات في حقبة ما بعد كوفيد -19
التعافي ما بعد كوفيد، فرصة لدفع عجلة التنمية في المنطقة. الحوكمة المستجيبة، والاقتصادات الأكثر تنوعًا، والمجتمعات الشاملة للجميع، والتحول الأخضر ضرورات لتحقيق التنمية المستدامة والشاملة لدرء الصدمات والكوارث في المستقبل.
إذ تشرع الدول العربية في سلك مسارات للتعافي من آثار جائحة كوفيد-19 يتعين عليها تعزيز قدراتها وبناء هياكل مؤسسية فعالة وجديرة بالثقة تكون قادرة على دعم بلورة عقد اجتماعي جديد وتمكين المجتمعات من التعامل مع الصدمات والكوارث المستقبلية — وفقًا لتقرير التنمية الإنسانية العربية 2022 الذي أطلقه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي اليوم.
وقال أخيم شتاينر، مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي: “لا تزال العديد من البلدان في منطقة الدول العربية تكافح للتعامل مع الآثار الاجتماعية والاقتصادية المدمرة لجائحة كوفيد-19، والتي تفاقمها اليوم الأزمات الناشئة، غير المسبوقة والمرتبطة بالغذاء والطاقة وتوافر التمويل الدولي للتنمية، والتي عجلت بها الحرب المأساوية في أوكرانيا.” وأضاف، “يحلل هذا التقرير الجديد كيف يمكن لبلدان المنطقة أن تعيد المكاسب التي تحققت بشق الأنفس في التنمية البشرية إلى مسارها الصحيح من خلال تضافر الجهود في أربع مجالات رئيسية للعمل، تشمل بناء اقتصادات متنوعة وتنافسية؛ تعزيز نظم حوكمة مسؤولة ومستجيبة على أساس حماية حقوق الإنسان؛ دعم المجتمعات لتشمل الجميع دون تمييز ولتحفظ تماسكها الداخلي؛ ودفع عجلة التعافي الأخضر في قلب التنمية البشرية المستدامة.”
تقرير التنمية الإنسانية العربية 2022 المعنوَن: تعظيم الفرص لتعافٍ يشمل الجميع ويعزز القدرة على مواجهة الأزمات في حقبة ما بعد كوفيد، هو السابع في سلسلة تقارير التنمية الإنسانية العربية التي ينتجها المكتب الإقليمي للدول العربية التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ويصدر في ذكرى مرور 20 عامًاعلى إطلاق أول تقرير للتنمية الإنسانية العربية والذي أسس لرحلة طويلة منالتحليل الدقيق لتحديات التنمية وفرصها عبر منطقة الدول العربية.
يستعرض التقرير آثار الجائحة على التنمية البشرية في جميع أنحاء المنطقة، وكذلك الإجراءات التي اتخذتها الدول العربية لاحتوائها وللتخفيف من آثارها السلبية على الاقتصاد والمجتمع. ويرى تقرير التنمية الإنسانية العربية 2022 أن إعادة التنمية البشرية إلى مسارها الصحيح في حقبة ما بعد الجائحة سوف يتطلب جهودًا أكبر لجعل أنظمة الحوكمة أكثر استجابة للناس وخضوعاً للمساءلة، والاقتصادات أكثر تنوعاً وتنافسية، والمجتمعات أكثر تماسكاً وشمولا للجميع دون تمييز—في ظل احترام وتناغم مع البيئة، من أجل ضمانتعافٍ يشمل الجميع ويعزز قدراتهم على مواجهة الأزمات.
وقالت خالدة بوزار، المديرة المساعدة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومديرة المكتب الإقليمي للدول العربية: “لطالما عانت منطقة الدول العربية من مناحي شتى للهشاشة وتباين شديد في مستويات التنمية بين بلدانها. ولكن الجائحة العالمية شكلت تحديًا للجميعوإن بدرجات متفاوتة، إذ طرحت تحديات جديدة، وفاقمت من نقاط الضعف القائمة.” وأضافت، “وفي هذا الصدد يشدد التقرير على أن الهشاشة ليست قدراً محتوماً علينا. فمنطقتنا المليئة بالإمكانات والقدرة على الابتكاراعتمدت العديد من تدابير الاستجابة الإيجابية التي يمكن البناء عليها وتوسيع نطاقها بما يتجاوز كوفيد. المنطقة لديهاالمعرفة والحلول للتصدي لما تواجهه من تحديات. الحلول نعرفها اختبرناها وأثبتت جدواها. مسعانا الجماعي اليوم هو تهيئة الظروف المواتية لتطوير تلك الحلول لكي تؤتي ثمارها.”
يؤكد تقرير التنمية الإنسانية العربية 2022 علىأن القدرات البشرية والحريات الإنسانية يتم تعزيزها من خلال نظم الحوكمة الخاضعة للمساءلة والمستجيبة للشعب، والاقتصادات المتنوعة والقادرة على مواجهة الأزمات، والمجتمعات المتماسكة والشاملة للجميع، ومن ثم يركز التقرير على دراسة آثار جائحة كوفيد-19 والتدابير المعتمدة لاحتواء تداعياتها عبر مجالات الحوكمة والاقتصاد والمجتمع والبيئة – مع الأخذ في الاعتبار التحديات التنموية القائمة وطويلة الأمد التي كانت المنطقة تعانيها قبلالجائحة.
الثقة في الحكومات – عامل حاسم في الاستجابة للجائحة
يلاحظ التقرير أن فعالية الاستجابات للجائحة عبر المستويات التنموية المتباينة في المنطقة كانت مرتبطة بمستويات القدرات المؤسسية والقدرة على التنسيق ما بين الوكالات الحكومية المعنية. فعلى سبيل المثال، نجحت حكومات دول مجلس التعاون الخليجي في السيطرة على تفشي الجائحة، وسجلت متوسطات لمعدلات للتعافي من المرض أعلى بكثير من المتوسط العالمي. ونجحت البلدان ذات الدخل المتوسط مثل الأردن ولبنان وتونس نسبيًا في التعامل مع الموجة الأولى من تفشي المرض ولكنها خففت سيطرتها بعد ذلك. أما البلدان التي تمر بصراعات وأزمات فكان لديها قدرات محدودة على التخفيف من آثار تفشي كوفيد-19بسبب تدمير بُناها التحتية في القطاع الصحي، ونزوح أو هجرة العديد من كوادرها الصحية المؤهلة، وتداعي شبكات الأمان الاجتماعي، وتراكم التحديات الاقتصادية.
وخلال الجائحة انعكست مستويات الثقة المحدودة لدى الجمهور العام في المؤسسات الحكومية على مقاومة تدابير احتواء كوفيد-19وارتفاع معدلات التردد أو العزوف عن تلقي اللقاحات، وهو اتجاه لوحظ مثيله عبر مناطق مختلفة على مستوى العالم.
يشير التقرير أيضًا إلى أن بعض الحكومات وسعت سلطاتها التنفيذية من خلال تدابير الطوارئ التي تبنتها للاستجابة لكوفيد ولحماية المجتمعات من آثاره، وبسبب السياق سريع التطور للاستجابة تم ذلك التوسع في ظل آليات محدودة للرقابة. كما تبنت بعض البلدان في حالات معينة تدابير جديدة تؤثر على الحريات المدنية، بما في ذلك تدابير وسعتمن نطاق المراقبة الرقمية للمواطنين وطبقت بلدان أخرى ضوابط أكبر على حرية التعبير ووسائل الإعلام، بما في ذلك وسائل التواصل الاجتماعي، تحت ستار محاربة المعلومات المضللة. ويشير التقرير إلى أن نسبة المواطنين الذين يعتقدون أن حرية التعبير مضمونة إلى حد كبير أو متوسط، تراجعت بمقدار 20 نقطة مئوية منذ عام 2016، من 63 في المئة إلى 43 في المئة في المنطقة.
ارتفاع مستويات الديون قد يستمر لفترة من الوقت
ويؤكد التقرير أن اقتصاد المنطقة انكمش بنحو 4.5 في المئة في عام 2020، حيث شهدت البلدان الهشة والمتأثرة بالصراعات أكبر متوسط للانخفاض بمقدار حوالي 15 في المئة. وعلى الرغم من بعض المؤشرات الإيجابية في نهاية عام 2021، يشير التقرير إلى أنه ليس من المرجح أن يكون التعافي سريعاً خلال عام 2022 نظرًا للتحديات الناشئة التي تواجه المنطقة كذلك. كذلكقد يظل النمو الاقتصادي يمثل تحديًا في ظل متوسط معدل نمو متوقع يبلغ 5.5 في المئة للمنطقة بأكملها، مدفوعًا بشكل أساسي بأداء البلدان المصدرة للنفط.
وخلال العام الأول للجائحة، اتسع نطاق العجز المالي الكبير القائم في جميع أنحاء المنطقة، مع انخفاض الإيرادات، بسبب تضاؤل الطلب على النفط وتزايد الاحتياجات التمويلية لاحتواء الجائحة وتأثيراتها الاقتصادية على الأسر وشركات الأعمال. وفي عام 2020 اتسع متوسط العجز الكلي بمقدار 7 نقاط مئوية، ليصل إلى 9.2 في المئة من إجمالي الناتج المحلي، بينما تقلص متوسط العجز المالي للمنطقة في عام 2021 إلى 2.3 في المئة، ومن المتوقع أن يتحول إلى فائض بنسبة 4.1 في المئة من إجمالي الناتج المحلي في عام 2022.
وأدى العجز المالي الضخم إلى زيادة الدين الحكومي، مما أدى إلى تفاقم الوضع الهش للديون والذي كان قائما بالفعل قبل الجائحة. وفي عام 2020 بلغ متوسط الدين الحكومي الإجمالي للمنطقة ذروته عند 60 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، بزيادة حوالي 13 نقطة مئوية عن عام 2019. ومن المتوقع على المدى المتوسط، أن يرتفع الدين الحكومي كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي بشكل كبير وأن يظل أعلى من مستويات عام 2019 بالنسبة لأغلبية دول المنطقة. كذلكانخفض صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى المنطقة بنسبة 6 في المئة في عام 2020.
وفي عام 2021، ارتفع معدل البطالة إلى 12.6 في منطقة الدول العربية، أي أكثر من ضعف المتوسط العالمي البالغ 6.2 في المئة. وكانت معدلات مشاركة الإناث في القوى العاملة من بين أدنى المعدلات في العالم، حيث بلغت 20.3 في المئة في منطقة الدول العربية في عام 2019. وظل معدل بطالة النساء عند 24 في المئة في منطقة الدول العربية، وهو ما لا يزال يماثل ثلاثة إلى أربعة أضعاف المتوسط العالمي.
وفي عام 2021، سجلت المنطقة أعلى معدل للبطالة بين الشباب (ما بين عمر 15 و24) في العالم أجمع، حيث بلغ 28.6٪ مرتفعا بشكل حاد عن قيمته في عام 2019 والتي كانت 25.3٪ . وكان معدل البطالة بين الشابات أيضا هو الأعلى في العالم إذ بلغ 49.1 في المئة عام 2021 مرتفعا من 44.7 في المئة في العام 2019، وهو ما يجاوز ضعف المعدل بين الشباب الذكور والذي بلغ 23.8 في المئة عام 2021 مرتفعا من 20.8 في المئة في العام 2019.
ومن المهم ملاحظة أن العديد من تلك التحديات تعكس الاتجاهات السائدة في السياق العالمي شديد التقلب خاصة مع تراجع توقعات النمو العالمي للعام 2022 وتباطؤ النمو في العديد من مناطق العالم الأخرى بشكل أكبر من مثيله في منطقة الدول العربية.
اتساع فجوة عدم المساواة
أدت الجائحة إلى اتساع نطاق التفاوتات القائمة وإلى تفاقم ظواهر الإقصاء، لا سيما من الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية والتعليم. ويشير التقرير إلى أنه قبل الجائحة، كانعدم كفاية التمويل العام قد ألقى بعبء الرعاية الصحية على المرضى، إذ بلغ متوسط الإنفاق الشخصي على الصحة نسبة 28 بالمئة من إجمالي الانفاق على الصحة في المنطقة، مقارنة بـ 18 في المئة في جميع أنحاء العالم – ولكن مع تفاوت كبير من 6.6 بالمئة في عُمان إلى 81 بالمئة في اليمن.
ويعكس هذا العبء المتزايد شدة تأثير الجائحة على الرغم من أن منطقة الدول العربية هي واحدة من المناطق الوحيدة في العالم النامي التي زادت من معدلاتالإنفاق على الصحة كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي في العقد السابق للجائحة.
كما وجدت نسبة كبيرة من اللاجئين والنازحين داخليًا في المنطقة صعوبة أكبر في الحصول على الرعاية الطبية أثناء تفشي الجائحة، إذ لم تتم شمول اللاجئين بشكل رسمي ضمن الخطط الوطنية للاستجابة لجائحة كوفيد-19 في الدول العربيةسوى في الأردن.
كذلك أدى إغلاق المدارس في أعقاب تفشي الجائحة والانتقال إلى التعليم عن بعد إلى استبعاد قطاعات كبيرة من المجتمع. فعلى سبيل المثال، أظهر مسح أجريفي الجزائر ومصر والأردن والمغرب وقطر وسوريا وتونسأن 55 بالمئة فقط من الأطفال المسجلين في التعليم قبل الجائحة استطاعوا الوصول إلى شكل من أشكال التعلم عن بُعد عقب الإغلاق الفعلي للمدارس. وكان الوصول إلى خدمات التعلم عن بعد أعلى بين الطلاب في المدارس الخاصة عنه في المدارس الحكومية وبسبب التفاوت الكبير في فرص الوصول إلى شبكة الإنترنت بين الدول العربية وداخل كل منها كان لإغلاق المدارس تأثير سلبي غير متناسب على الأسر الأكثر ضعفًا وفي المجتمعات الريفية والمهمشة بما في ذلك الأطفال اللاجئين والنزحين والأطفال ذوي الإعاقة مما تسبب بدوره في زيادة مخاطر عمالة الأطفال والزواج المبكر بين الفتيات.
ويسلط التقرير الضوء على أنه قبل تفشي الجائحة ساهم عدم كفاية سياسات الرعاية الاجتماعية، ونقص توفير خدماتها، فضلاً عن الأعراف الاجتماعية التقليدية المرتبطة بتقسيم الأدوار بين الجنسين في زيادة العبء غير المتناسب على النساء في أعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر في المنطقة، إذخصصت النساء وقتًا أطول من الرجال بما يتراوح بين 5.1 و6.2 مرات لأعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر في المنطقة، وهينسب أعلى بكثير من المتوسط العالمي البالغ 3.2 مرة. وتماشيًا مع الاتجاهات العالمية أدت الجائحة إلى زيادة مسؤوليات الرعاية غير مدفوعة الأجر داخل الأسر في جميع أنحاء المنطقة، حيث يقع معظم العبء على عاتق النساء. كما يسجل التقرير اتجاه مثير للقلق في ارتفاع معدلات العنف المنزلي الذي يستهدف النساء، ارتبط في أغلب الأحيان بما تسببت فيه الجائحة من قيود على حرية الحركة، وضغوط مالية، واضطرابات فيإمكانية الوصول إلى خدمات دعم النساء المعنفات.
ولقد تم رصد العديد من مثل تلك التحديات في مناطق متعددة عبر العالم. ولذا يمكن للحكومات في الدول العربية الاستفادة من خبراتها والخبرات الدولية المماثلة في معالجة الأزمات المتعددة الحالية لضمان تعزيز التعافي لمسار مستدام وعادل للتنمية.
فرصة للانتقال الأخضر
ويقدر التقرير أن الجائحة أدت إلى زيادة بنسبة 5 في المئة في الطلب على المياه في عام 2020 نتيجة تكثيف ممارسات النظافة الشخصية والعامة، مما أضاف ضغوطًا على إمدادات المياه الشحيحة بالفعل في جميع أنحاء المنطقة، إذ تواجه 18 دولة عربية من أصل 22 مستويات خطيرة من ندرة المياه، وبلغ نصيب الفرد في المنطقة ثُمن متوسط نصيب المياه المتجددة للفرد عالميا. ويدعو التقرير إلى إعطاء الأولوية لتحسين إدارة المياه وتحسين إدارة المخلفات كمكونان رئيسيان لضمان أن يصبح التعافي ما بعد كوفيد مستدامًا وقادرًا على مواجهة الأزمات مستقبلاً.
وينظر تقرير التنمية الإنسانية العربية للعام 2022 بتفاؤل إلى الزخم المتنامي في المنطقة لتنويع الاقتصادات بما يتجاوز اقتصاد الوقود الأحفوري وتسريع الانتقال إلى حلول الطاقة المتجددة وتحسين كفاءة استخدام الطاقة. إذ كان قطاع الطاقة المتجددة هو القطاع الوحيد في سوق الطاقة العربي الذي شهد نموًا ملحوظًا في الآونة الأخيرة، بسبب فعاليته من حيث التكلفة وقيمته الاستراتيجية للاقتصادات مقيدة الكربون (المستوردة للطاقة). ويخص التقرير بالذكر الطاقة الشمسية كأحد أهم الأصول الثابتة والاستراتيجية لتنويع مصادر الطاقة إذ تعمد إلى تعزيز أمن الطاقة، وبناء اقتصاد قائم على المعرفة وعالي التقنية، يخلق أعدادا كبيرة من الوظائف للشباب، وهو ما يعده التقرير اقتصاد المستقبل.
وتمثل إمكانية تعميم الحلول الخضراء في استراتيجيات التعافي للدول العربية فرصة مهمة، يمكن أن تساعد المنطقة على إبطاء التغيير البيئي السلبي وتعزيز القدرة على التصدي للصدمات المستقبلية. ويشير التقرير إلى أن القمم العالمية يمكن أن تكون مفيدة في دراسة تحديات تغير المناخ وتدهور البيئة وتقديم حلول ملموسة، كما هو الحال مع المؤتمرات المقبلة التي ستعقدها الأمم المتحدة للدول الأطراف حول تغير المناخ، إذ تستضيف مصر نسخة العام 2022 (CoP 27) ومن بعدها دولة الإمارات العربية المتحدة التي تستضيف نسخة العام 2023 (CoP 28).
بصيص من الأمل
يسجل التقرير أمثلة لاستجابات إيجابية لجائحة كوفيد-19 تبنتها بعض دول المنطقة. مشيراً إلى الحالات التي خففت فيها الإجراءات الحكومية السريعة من بعض أسوأ آثار الجائحة على التنمية. وشمل ذلك اعتماد حزم التحفيز والمساعدة لدعم النشاط الاقتصادي المحلي؛ وتقديم مخصصات مباشرة لإغاثة المؤسسات، ولا سيما الصغيرة والمتوسطة؛ واعتماد المخصصات المالية اللازمة لتمويل إجراءات حماية العمال من خلال الإجازات مدفوعة الأجر وإعانات البطالة والتحويلات النقدية، وخاصة لاستهداف العاملين في القطاع غير الرسمي.
ويشير التقرير أيضًا إلى نجاحات تحققت في اعتماد حلول فعالة في مجال الحوكمة استجابةً للجائحة، مثل اعتماد تدابير التنسيق العاجلة لضمان استجابات متعددة القطاعات تشمل استجابات حكومية متكاملة على الصعيد الوطني في البلدان العربية ذات الدخل المرتفع. وبالمثل، اعتمدت بلدان أخرى ترتيبات للسماح بالمشاركة الشاملة للحكومات والإدارات المحلية والمجتمع المدني والقطاع الخاص والمجتمعات المحلية في خطط الاستجابة الوطنية، وتوسيع سلطات الحكومة المحلية لاتخاذ تدابير لضمان استمرارية الخدمات الأساسية وتحديد الفئات الضعيفة وتسهيل الوصول إليها.
يتتبع التقرير أيضًا كيف حشدت حركات التضامن الاجتماعي ومنظمات المجتمع المدني جهودها بسرعة استجابة لتحدياتالجائحة، لتساهم فيسد الثغرات في جهود زيادة الوعي، وتوسيع نطاق جهود التوعية المجتمعية، وللمساعدة في التخفيف من الآثار السلبية للجائحةعلى الفئات الأكثر تهميشًا وضعفًا، ولإطلاق العنان لتوظيف قوى المتطوعين في الخطوط الأمامية لتدعيم أنظمة الخدمات الصحية والاجتماعية المنهكة.
ولجأت العديد من الحكومات في المنطقة بشكل فعال إلى التحول الرقمي لتقديم خدمات الاستجابة للجائحة، باستخدام تقنيات مبتكرة في مجالات مثل التسليم السريع للتحويلات النقدية للحماية الاجتماعية؛ والتطبيب عن بعد؛ وضمان استمرارية خدمات الإدارة العامة الأساسية؛ وتأمين الاستمرارية التعليمية من خلال حلول التعلم البديلة عبر الإنترنت؛ وتسهيل العمل عن بعد؛ وضمان الوصول الشامل لخدمات التطعيم.
مقاربة للتعافي ترتكز على التنمية البشرية
بدأت جائحة كوفيد-19 كحالة طوارئ صحية عامة سرعان ما تدهورت إلى حالة طوارئ اقتصادية واجتماعية وإنسانية تطلبت استجاباتعلى مستوى المجتمع بأسره، وبتنسيق قوي بين الوكالات الحكومية المسؤولة، وبالتعاون الهادف مع الشركات الخاصة ومنظمات المجتمع المدني والمنظمات الدولية.
ويؤكد التقرير أن التعافي السليم من تأثير الجائحة في المنطقة سيتطلب جهودًا متضافرة لحماية الضعفاء، وتمكين المواطنين، وتعزيز حقوق الإنسان، وضمان سيادة القانون، وجعل نظم الحوكمة أكثر فعالية واستجابة. كذلك تحتاج دول المنطقة إلى عقود اجتماعية جديدة تمهد الطريق للسلام والعدالة والاستقرار، ولا تترك أحدا يتخلف عن الركب، وإلى بناء مؤسسات موثوق بها، خاضعة للمساءلة، ولديها قدرة أكبر على التصدي للأزمات، وشمول الجميع، وتوسيع القدرات والحريات البشرية.
كذلك أكد تقرير التنمية الإنسانية العربية للعام 2022 على أن التعافي مابعد كوفيد يوفر فرصة للبلدان لتقييم وتعزيز القدرات، وإجراء تغييرات هيكلية لمنع الصدمات الناشئة والتعامل معها، بما في ذلك أزمة الغذاء العالمية التي تلوح في الأفق، وتناقص الموارد الدولية لتمويل التنمية، وكلاهما يتعلق بآثار الحرب الحالية على أوكرانيا، وكذلك الصدمات والكوارث المستقبلية.
وتشمل توصيات التقرير بشأن تبني نهج متكامل للتعافي يركز على التنمية البشرية ما يلي:
الاستثمار في تعزيز المساءلة والاستجابة لأنظمة وهياكل الحوكمة، من خلال عمليات شاملة وتشاركية لإعادة بناء ثقة المواطنين في الحكومات، وتعزيز الحريات وحقوق الإنسان وسيادة القانون، وعدم ترك أي شخص يتخلف عن الركب. ويجب أن تشارك هذه العمليات الحكومات المحلية والقطاع الخاص والمجتمع المدني والمواطنين، بالإضافة إلى توسيع دور الحكومات والإدارات المحلية في الاستجابة لاحتياجات المواطنين وتقديم الخدمات ومكافحة الفقر وعدم المساواة.
تنويع الاقتصاد وتعزيز قدراته على الصمود في مواجهة الأزمات من خلال توجيه استثمارات أكبر لقطاعات السلع والخدمات عالية الإنتاجية، وتوسيع الصادرات من خلال زيادة التكامل مع سلاسل القيمة العالمية، والتصدي لاستمرار ارتفاع معدلاتالبطالة وتحديات أسواق العمل من خلال تشجيع خلق فرص عمل جديدة في القطاع الخاص، في ظل ظروف عمل لائقة، خاصة بالنسبة للنساء. وينطوي هذا أيضًا على تحسين مناخ الاستثمار، وتقوية إدارة المالية العامة من خلال تعزيز إدارة الضرائب، وزيادة الإنفاق الاجتماعي لحماية الفقراء والضعفاء.
تعزيز التماسك الاجتماعي والإدماج، من خلال تعزيز سبل الوصول الشامل والعادل إلى الخدمات الاجتماعية والصحية والتعليمية ذات الجودة؛ والتوسع في مبادرات تعزيز التماسك الاجتماعي وبناء التوافق؛ وزيادة إمكانية المشاركة المدنية والتفاوض في مكان العمل؛ وتعزيز القوانين المستجيبة للنوع الاجتماعي والاستثمار في سياسات وخدمات الرعاية؛ وضمان إدراج الفئات المهمشة والضعيفة في جميع جوانب ومراحل عمليات التعافي، وخاصة النساء والمهاجرين واللاجئين والنازحين والأشخاص ذوي الإعاقة.
ضمان أن تكون مسارات التعافي خضراء، من خلال تسريع وتوسيع نطاق مبادرات التحول إلى الطاقة النظيفة؛ والتوسع في الاستثمار في حلول وسائل النقل الخضراء وتعزيز البنى التحتية؛ وسد الفجوات في خدمات المياه والصرف الصحي؛ ودمج حلول الاقتصاد الدائري في التنمية المحلية؛ والنهوض بجهود الحفاظ علىالبيئة وحماية النظم البيولوجية. ويشدد التقرير على أنه إذا ما تم التخطيط لها بشكل صحيح، فإن تدابير التعافي الأخضر يمكن أن تساعد في تنويع الاقتصادات والمساهمة في النمو، وتوليد أشكال جديدة ومستدامة من الإيرادات، وخلق فرص عمل خضراء، وتعزيز قدرات التصدي للأزمات في المجتمعاتالمحلية والنظم البيئية التي تعتمد عليها تلك المجتمعات لدعم حياة الناس وسبل عيشهم.